الخيانات وشربوا القهوات واستشعروا شتم الآباء والامّهات ورفعت الصلاة من المساجد بالخصومات وجعلوها مجالس الطعامات وأكثروا من السيّئات وقلّلوا من الحسنات وعوصرت السماوات فحينئذ تكون السنة كالشهر والشهر كالاسبوع والاسبوع كاليوم واليوم كالساعة ويكون المطر قيظا والولد غيضا ويكون أهل ذلك الزمان لهم وجوه جميلة وضمائر رديّة من رآهم أعجبوه ومن عاملهم ظلموه ، وجوههم وجوه الآدميين وقلوبهم قلوب الشياطين فهم أمرّ من الصبر وأنتن من الجيفة وأنجس من الكلب وأروغ من الثعلب وأطمع من الأشعب وألزق من الجرب لا يتناهون عن منكر فعلوه إن حدّثتهم كذبوك وإن أمنتهم خانوك وإن ولّيت عنهم اغتابوك وإن كان لك مال حسدوك وإن بخلت عنهم بغضوك وإن وضعتهم شتموك ، سمّاعون للكذب أكّالون للسحت ، يستحلّون الزنا والخمر والمقالات والطرب والغناء ، والفقير بينهم ذليل حقير والمؤمن ضعيف صغير والعالم عندهم وضيع والفاسق عندهم مكرم والظالم عندهم معظّم والضعيف عندهم هالك والقويّ عندهم مالك لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر ، الغنى عندهم دولة والأمانة مغنمة والزكاة مغرمة ويطيع الرجل زوجته ويعصي والديه ويجفوهما ويسعى في هلاك أخيه وترفع أصوات الفجّار ويحبّون الفساد والغناء والزنا ويتعاملون بالسحت والربا ويعار على العلماء ويكثر ما بينهم سفك الدماء ، وقضاتهم يقبلون الرشوة وتتزوّج الامرأة بالامرأة وتزفّ كما تزفّ العروس إلى زوجها وتظهر دولة الصبيان في كلّ مكان ويستحلّ الفتيان المغاني وشرب الخمر وتكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء وتركب السروج الفروج ، فتكون الامرأة مستولية على زوجها في جميع الأشياء ؛ وتحجّ الناس ثلاثة وجوه : الأغنياء للنزهة والأوساط للتجارة والفقراء للمسألة وتبطل الأحكام وتحبط الإسلام وتظهر دولة الأشرار ويحلّ الظلم في جميع الأمصار فعند ذلك يكذب التاجر في تجارته والصائغ في صياغته وصاحب كلّ صنعة في صناعته فتقلّ المكاسب وتضيق المطالب وتختلف المذاهب ويكثر الفساد ويقلّ الرشاد فعندها تسودّ الضمائر ويحكم عليهم سلطان جائر وكلامهم أمرّ من الصبر وقلوبهم أنتن من الجيفة ، فإذا كان كذلك ماتت العلماء وفسدت القلوب وكثرت الذنوب وتهجر المصاحف وتخرب المساجد وتطول الآمال وتقلّ الأعمال وتبنى الأسوار في البلدان مخصوصة لوقع العظائم النازلات فعندها لو صلّى أحدهم يومه وليلته فلا يكتب له منها