وطهرت الأفاطس وتوهم الكساكس وتقدّمتهم النفائس فيكدحون الجرائر ويملكون الجزائر ويحدثون كيسان ويخربون خراسان ويصرفون الحلسان ويهدمون الحصون ويظهرون المصون ويقتطفون الغصون ويفتحون العراق ويحجمون الشقاق بدم يراق فعند ذلك ترقّبوا خروج صاحب الزمان.
ثمّ إنّه جلس على أعلى مرقاة من المنبر وقال : آه ثمّ آه لتعريض الشفاه وذبول الأفواه ، قال عليهالسلام فالتفت يمينا وشمالا ونظر إلى بطون العرب وساداتهم ووجوه أهل الكوفة وكبار القبائل بين يديه وهم صموت كأنّ على رءوسهم الطير فتنفّس الصعداء وأنّ كمدا وتململ حزينا وسكت هنيئة فقام إليه سويد بن نوفل وهو كالمستهزئ وهو من سادات الخوارج فقال : يا أمير المؤمنين أأنت حاضر ما ذكرت وعالم بما أخبرت؟ قال : فالتفت إليه الإمام عليهالسلام ورمقه بعينه رمقة الغضب فصاح سويد بن نوفل صيحة عظيمة من عظم نازلة نزلت به فمات من وقته وساعته فأخرجوه من المسجد وقد تقطّع إربا إربا فقال عليهالسلام : أبمثلي يستهزئ المستهزءون أم عليّ يتعرّض المتعرّضون؟ أو يليق لمثلي أن يتكلّم بما لا يعلم ويدّعي ما ليس له بحق ، هلك والله المبطلون ، وأيم الله لو شئت ما تركت عليها من كافر بالله ولا منافق برسوله ولا مكذّب بوصيّه وإنّما أشكو بثّي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون.
قال : فقام إليه صعصعة بن صوحان وميثم وإبراهيم بن مالك الأشتر وعمر بن صالح فقالوا : يا أمير المؤمنين قل لنا بما يجري في آخر الزمان فإنّ قولك يحيي قلوبنا ويزيد في إيماننا. فقال : حبّا وكرامة ، ثمّ نهض عليهالسلام قائما وخطب خطبة بليغة تشوّق إلى الجنّة ونعيمها وتحذّر من النار وجحيمها ، ثمّ قال عليهالسلام : أيّها الناس إنّي سمعت أخي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : تجتمع في أمّتي مائة خصلة لم تجتمع في غيرها فقامت العلماء والفضلاء يقبّلون بواطن قدميه وقالوا : يا أمير المؤمنين نقسم عليك بابن عمّك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن تبيّن لنا ما يجري في طول الزمان بكلام يفهمه العاقل والجاهل قال : ثمّ إنّه حمد الله وأثنى عليه وذكر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فصلّى عليه وقال : أنا مخبركم بما يجري من بعد موتي وبما يكون إلى خروج صاحب الزمان القائم بالأمر من ذريّة ولد الحسين وإلى ما يكون في آخر الزمان حتّى تكونوا على حقيقة من البيان فقالوا : متى يكون ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال عليهالسلام : إذا وقع الموت في الفقهاء وضيّعت أمّة محمّد المصطفى الصلاة واتّبعوا الشهوات وقلّت الأمانات وكثرت