ينشد ممّا أودعه في البال ، فوقفت في مكاني مستمعا متلذّذا إلى أن فرغ من مناجاته فالتفت إليّ وصاح بلسان العجم : مهدي بيا ، أي : هلم يا مهدي ، فتقدّمت إليه بخطوات فوقفت فأمرني بالتقدّم فمشيت قليلا ثمّ وقفت فأمرني بالتقدّم وقال : إنّ الأدب في الامتثال ، فتقدّمت إليه بحيث تصل يدي إليه ويده الشريفة إليّ وتكلّم بكلمة. قال المولى السلماسي : ولمّا بلغ كلام السيّد السند إلى هنا أضرب عنه صفحا وطوى عنه كشحا وشرح في الجواب عمّا سأله المحقّق المذكور قبل ذلك عن سرّ قلّة تصانيفه مع طول باعه في العلوم فذكر له وجوها ، فعاد المحقّق القمّي فسأل عن هذا الكلام الخفي ، فأشار بيده شبه المنكر بأن هذا سرّ لا يذكر (١).
الحكاية الثالثة عشرة : وفيه عن المولى السلماسي قال : كنت حاضرا في مجلس إفادته فسأله رجل عن إمكان رؤية الطلعة الغرّاء في الغيبة الكبرى وكانت بيده الآلة المعروفة بشرب الدخان المسمّى عند العجم ب : (غليان) فسكت عن جوابه وطأطأ رأسه وخاطب نفسه بكلام خفي أسمعه فقال ما معناه : ما أقول في جوابه قد ضمّني صلوات الله عليه إلى صدره ، وورد أيضا في الخبر تكذيب مدّعي الرؤية في أيّام الغيبة ، فكرّر هذا الكلام ثمّ قال في جواب السائل : إنّه قد ورد في أخبار العصمة تكذيب من ادّعى رؤية الحجّة عجّل الله تعالى فرجه. واقتصر في جوابه عليه من غير إشارة إلى ما أشار إليه (٢).
الحكاية الرابعة عشرة : وبهذا السند عن المولى المذكور قال : صلّينا مع جنابه في داخل حرم العسكريين ، فلمّا أراد النهوض من التشهّد إلى الركعة الثالثة عرضته حالة فوقف هنيئة ثمّ قام ، ولما فرغنا تعجّبنا كلّنا ولم نفهم ما كان وجهه ولم يجترئ أحد منّا على السؤال عنه إلى أن أتينا المنزل وأحضرت المائدة فأشار إليّ بعض السادة من أصحابنا أن أسأله منه ، فقلت : لا وأنت أقرب منّا ، فالتفت رحمهالله إليّ وقال : فيم تتقاولون؟
قلت : وكنت أجسر الناس عليه : إنّهم يريدون الكشف عمّا عرض لكم في حال الصلاة ، فقال : إنّ الحجّة عجّل الله تعالى فرجه دخل الروضة للسلام على أبيه عليهالسلام فعرضني ما رأيتم من مشاهدة جماله الأنور إلى أن خرج منها (٣).
__________________
(١) جنة المأوى : ٢٣٤ ـ ٢٣٦ الحكاية التاسعة.
(٢) جنة المأوى : ٢٣٦ الحكاية العاشرة.
(٣) جنة المأوى : ٢٣٧ الحكاية الحادية عشرة.