فابيض لذلك رأسي ولحيتي. فانظر وتصوّر إذا جاز أن يحيي الله تعالى الموتى بدعاء أولاد الملوك المتعبّدين فكيف يجوز إنكار إحياء الموتى بدعاء أولاد أشرف الأنبياء الأئمّة المعصومين والهداة الطاهرين (١).
الخبر الثالث : وعن الكافي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه سئل : هل كان عيسى ابن مريمعليهالسلام أحيى أحدا بعد موته حتّى كان له أكل ورزق ومدّة وولد؟ فقال : نعم إنّه كان له صديق مؤاخ له في الله تبارك وكان عيسى يمرّ به وينزل عليه وإنّ عيسى غاب عنه حينا ثمّ مرّ به ليسلّم عليه فخرجت إليه أمّه فسألها عنه فقالت : مات يا رسول الله ، قال : أفتحبّين أن تريه؟ قالت : نعم ، فقال لها : فإذا كان غدا فآتيك حتّى أحييه لك بإذن الله تبارك وتعالى ، فلمّا كان من الغد أتاها فقال لها : انطلقي معي إلى قبره فانطلقا حتّى أتيا قبره فوقف عليه عيسى ثمّ دعا الله عزوجل فانفرج القبر وخرج ابنها حيّا ، فلمّا رأته أمّه ورآها بكيا فرحمهما عيسى عليهالسلام فقال له عيسى : أتحبّ أن تبقى مع أمّك في الدنيا؟ فقال : يا نبي الله بأكل ورزق ومدّة أم بغير أكل ولا رزق ولا مدّة؟ فقال عيسى : بأكل ورزق ومدّة تعمر عشرين سنة وتزوج ويولد لك ، قال : نعم إذا ، قال : فدفعه عيسى إلى أمّه فعاش عشرين سنة وولد له (٢).
الخبر الرابع : عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : مرّ عيسى ابن مريم على قرية قد مات أهلها وطيرها ودوابها قال : أما انّهم لم يموتوا إلّا بغتة ولو ماتوا متفرّقين لتدافنوا ، فقال الحواريون : يا روح الله وكلمته ادع الله أن يحييهم لنا فيخبرونا ما كانت أعمالها فنجتنبها ، فدعا عيسى ربّه فنودي من الجو أنّ نادهم فقال عيسى عليهالسلام بالليل على شرف من الأرض فقال : يا أهل هذه القرية فأجابه منهم مجيب : لبّيك يا روح الله وكلمته ، فقال : ويحكم ما كانت أعمالكم؟ قال : عبادة الطاغوت وحبّ الدنيا مع خوف قليل وأمل بعيد وغفلة في لهو ولعب فقال : كيف كان حبّكم للدنيا؟
قال : كحبّ الصبي لامّه ، إذا أقبلت علينا فرحنا وسررنا وإذا أدبرت عنّا بكينا وحزنا ، قال عليهالسلام : كيف كانت عبادتكم للطاغوت؟
قال : الطاعة لأهل المعاصي ، قال : كيف كان عاقبة أمركم؟ قال : بتنا ليلة في عافية وأصبحنا في الهاوية ، فقال : وما الهاوية؟ فقال : سجّين ، قال : وما سجّين؟ قال : جبال من خمر
__________________
(١) البحار : ٦ / ١٧١ ح ٤٨.
(٢) الكافي : ٨ / ٣٣٧ ح ٥٣٢.