توقد علينا يوم القيامة ، قال : فما قلتم؟ وما قيل لكم؟ قال : قلنا ردّنا إلى الدنيا فنزهد فيها ، قيل : كذبتم ، قال : ويحك كيف لم يكلّمني غيرك من بينهم؟ قال : يا روح الله وكلمته إنّهم ملجمون بلجم من النار بأيدي ملائكة غلاظ شداد إنّي كنت فيهم ولم أكن منهم ، فلمّا نزل العذاب عمّني معهم فأنا معلّق بشعرة على شفير جهنّم لا أدري أكبكب فيها أم أنجو منها ، فالتفت عيسى إلى الحواريين فقال : يا أولياء الله أكل الخبز اليابس بالملح الجريش والنوم على المزابل خير كثير مع عافية الدنيا والآخرة (١).
الخبر الخامس : عن قصص الأنبياء للقطب الراوندي عن زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إنّ داود عليهالسلام كان يدعو أن يلهمه القضاء بين الناس بما هو عنده تعالى الحق فأوحى الله إليه : يا داود إنّ الناس لا يحتملون ذلك وإنّي سأفعل ، وارتفع إليه رجلان فاستعداه أحدهما على الآخر فأمر المستعدى عليه أن يقوم إلى المستعدي فيضرب عنقه ففعل فاستعظمت بنو إسرائيل ذلك وقالت : رجل جاء يتظلّم من رجل فأمر الظالم أن يضرب عنقه فقال عليهالسلام : ربّ أنقذني من هذه الورطة قال : فأوحى الله تعالى إليه : يا داود سألتني أن ألهمك القضاء بين عبادي بما هو عندي الحق وأنّ هذا المستعدي قتل أبا هذا المستعدي عليه فأمرت فضرب عنقه قودا بأبيه وهو مدفون في حائط كذا وكذا تحت شجرة كذا فائته وناده باسمه فإنّه سيجيبك فسله قال : فخرج داود وقد فرح فرحا شديدا لم يفرح مثله ، فقال لبني إسرائيل : قد فرّج الله فمشى ومشوا معه فانتهى إلى الشجرة فنادى يا فلان فقال : لبيك يا نبي الله قال : من قتلك؟
قال : فلان ، فقالت بنو إسرائيل سمعناه يقول : يا نبي الله فنحن نقول كما قال فأوحى الله تعالى إليه : يا داود إنّ العباد لا يطيقون الحكم بما هو عندي الحكم ، فسل المدّعي البيّنة (٢).
الخبر السادس : في إكمال الدين عن أبي جعفر عليهالسلام يذكر حديثا طويلا ويذكر فيه غيبة إدريس وما كان بينه وبين قومه إلى أن قال : فهبط إدريس من موضعه إلى قرية يطلب أكله من جوع ، فلمّا دخل القرية نظر إلى دخان في بعض منازلها فأقبل نحوه فهجم على عجوز كبيرة وهي ترقّق قرصتين على مقلاة فقال لها : أيّتها المرأة أطعميني فإنّي مجهود من الجوع فقالت : يا عبد الله ما تركت لنا دعوة إدريس فضلا نطعمه أحدا وحلفت أنّها ما تملك شيئا
__________________
(١) أصول الكافي : ٢ / ٣١٨ ح ١١.
(٢) بحار الأنوار : ١٤ / ٧ ح ١٢.