غيره فاطلب المعاش من غير أهل هذه القرية ، قال لها : أطعميني ما أمسك به روحي وتحملني به رجلي إلى أن أطلب قالت : إنّهما قرصتان واحدة لي والاخرى لابني فإن أطعمتك قوتي متّ وإن أطعمتك قوت ابني مات وما هاهنا فضل أطعمه فقال لها : إنّ ابنك صغير يجزيه نصف قرصة فيحيا به ويجزيني النصف الآخر فأحيى به وفي ذلك بلغة لي وله ، فأكلت المرأة قرصها وكسرت القرص الآخر بين إدريس وبين ابنها ، فلمّا رأى ابنها يأكل إدريس من قرصه اضطرب حتّى مات قالت له : يا عبد الله قتلت عليّ ابني جزعا على قوته فقال لها إدريس : أنا احييه بإذن الله تعالى فلا تجزعي ، ثمّ أخذ إدريس بعضدي الصبي ثمّ قال : أيّتها الروح الخارجة من بدن هذا الغلام بإذن الله ارجعي إلى بدنه بإذن الله ، أنا إدريس النبي فرجعت روح الغلام إليه بإذن الله ، فلمّا سمعت أمّه كلام إدريس وقوله : أنا إدريس ونظرت إلى ابنها قد عاش بعد الموت قالت أشهد أنّك إدريس النبي وخرجت تنادي بأعلى صوتها في القرية : أبشروا بالفرج فقد دخل إدريس قريتكم (١).
الخبر السابع : عن معاوية بن قرة قال : كان أبو طلحة يحبّ ابنه حبّا شديدا فمرض فخافت أمّ سليم على أبي طلحة الجزع حين قرب موت الولد فبعثته إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فلمّا خرج أبو طلحة من داره توفّي الولد فسجته أمّ سليم بثوب وعزلته في ناحية من البيت ثمّ تقدّمت إلى أهل بيتها وقالت لهم : لا تخبروا أبا طلحة بشيء ، ثمّ إنّها صنعت طعاما ثمّ تمسّحت شيئا من الطيب فجاء أبو طلحة من عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : ما فعل ابني؟ فقالت له : هدأت نفسه ثمّ قال : هل لنا ما نأكل؟ فقامت وقرّبت إليه الطعام ثمّ تعرّضت له فوقع عليها ، فلمّا اطمأن قالت له : يا أبا طلحة أتغضب من وديعة كانت عندنا وديعة فقبضها الله تعالى؟ فقال أبو طلحة : فأنا أحقّ بالصبر منك ، ثمّ قام من مكانه فاغتسل وصلّى ركعتين ثمّ انطلق إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فأخبره بصنيعها فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الحمد لله الذي جعل في أمّتي مثل صابرة بني إسرائيل ، فقيل : يا رسول الله ما كان من خبرها؟ فقال : كان في بني إسرائيل امرأة وكان لها زوج ولها منه غلامان فأمرها بطعام ليدعو عليه الناس ففعلت ، واجتمع الناس في داره فانطلق الغلامان يلعبان فوقعا في بئر كانت في الدار فكرهت أن تنغص على زوجها الضيافة فأدخلتهما البيت وسجتهما بثوب ، فلمّا فرغوا دخل زوجها
__________________
(١) كمال الدين : ١٣١ ح ١ باب ١.