فقال : أين ابناي؟ قالت : هما في البيت وإنّما كانت تمسّحت بشيء من الطيب وتعرّضت للرجل حتّى وقع عليها ، ثمّ قال : أين ابناي؟
قالت : هما في البيت فناداهما أبوهما فخرجا يسعيان فقالت المرأة : سبحان الله والله لقد كانا ميتين ولكن الله أحياهما ثوابا لصبري (١).
الخبر الثامن : في الدمعة عن قصص الأنبياء للقطب الراوندي عن ابن عبّاس قال : بعث الله جرجيس إلى ملك بالشام يقال له واذانه يعبد صنما فقال له : أيّها الملك اقبل نصيحتي ، لا ينبغي للخلق أن يعبدوا غير الله تعالى ولا يرغبوا إلّا إليه فقال له الملك : من أي أرض أنت؟ قال : من الروم قاطنين بفلسطين فأمر بحبسه ثمّ مشط جسده بأمشاط من حديد حتّى تساقط لحمه ونضح جسده بالخل ودلكه بالمسوح الخشنة ثمّ أمر بمكاوي من حديد تحمى فيكوى بها جسده ولما لم يقتل أمر بأوتاد من حديد فوقذت في رأسه فسال منها دماغه وأمر بالرصاص فاذيب وصبّ على أثر ذلك ثمّ أمر بسارية من حجارة كانت في السجن لم ينقلها إلّا ثمانية عشر رجلا فوضعت على بطنه ، فلمّا أظلم الليل وتفرّق عنه الناس رآه أهل السجن وقد جاءه ملك فقال له : يا جرجيس إنّ الله جلّت عظمته يقول اصبر وأبشر ولا تخف إنّ الله معك يخلّصك وإنّهم يقتلونك أربع مرّات في كلّ ذلك أدفع عنك الألم والأذى ، فلمّا أصبح الملك دعاه فجلده على السياط على الظهر والبطن ثمّ ردّه إلى السجن ثمّ كتب إلى أهل مملكته أن يبعثوا إليه بكلّ ساحر فبعثوا ، والساحر استعمل كلّ ما قدر عليه من السحر فلم يعمل فيه ثمّ عمد إلى سمّ فسقاه فقال جرجيس : بسم الله الذي يضلّ عند صدقه كذب الفجرة وسحر السحرة فلم يضرّه فقال الساحر : لو أنّي سقيت بهذا أهل الأرض نزعت قواهم وشوّهت خلقهم وعميت أبصارهم ، فأنت يا جرجيس النور المضيء والسراج المنير والحق اليقين ، أشهد أنّ إلهك حقّ وما دونه باطل آمنت به وصدقت رسله وإليه أتوب بما فعلت فقتله الملك ثمّ أعاد جرجيس عليهالسلام إلى السجن وعذّبه بألوان العذاب ثمّ قطعه أقطاعا وألقاها في جبّ ثمّ خلا الملك الملعون وأصحابه على طعام له وشراب فأمر الله تعالى جل وعلا إعصارا أنشأت سحابة سوداء وجاءت بالصواعق ورجفت الأرض وتزلزلت الجبال حتّى أشفقوا أن يكون هلاكهم ، وأمر الله ميكائيل فقام على
__________________
(١) مسكن الفؤاد : ٦٩.