رأس الجب وقال : قم يا جرجيس بقوّة الله الذي خلقك فسوّاك ، فقام جرجيس حيّا سويّا وأخرجه من الجبّ وقال اصبر وأبشر فانطلق جرجيس حتّى قام بين يدي الملك وقال : بعثني الله ليحتجّ بي عليكم فقام صاحب الشرطة وقال : آمنت بإلهك الذي بعثك بعد موتك وشهدت أنّه الحق وجميع الآلهة دونه باطل واتبعه أربعة آلاف آمنوا وصدّقوا جرجيس فقتلهم الملك جميعا بالسيف ، ثمّ أمر بلوح من نحاس أوقد عليه النار حتّى احمرّ فبسط عليه جرجيس وأمر بالرصاص فاذيب وصبّ في فيه ثمّ ضرب الأوتاد في عينيه ورأسه ثمّ ينزع ويفرغ بالرصاص مكانه ، فلمّا رأى أنّ ذلك لم يقتله فأوقد عليه النار حتّى مات وأمر برماده فذرّ في الرياح ، فأمر الله رياح الأرضين في الليلة فجمعت رماده في مكان فأمر ميكائيل فنادى جرجيس فقام حيّا سويّا بإذن الله فانطلق جرجيس إلى الملك وهو في أصحابه فقام رجل وقال : إنّ تحتنا أربعة عشر منبرا ، ومائدة بين أيدينا وهي من عيدان شتّى منها ما يثمر ومنها ما لا يثمر فسل ربّك أن يلبس كلّ شجرة منها لحاها وينبت فيها ورقتها وثمرها فإن فعل ذلك فإنّي أصدقك فوضع جرجيس ركبتيه على الأرض ودعا ربّه تعالى فما برح مكانه حتّى أثمر كلّ عود فيها ثمرة فأمر به الملك فمدّ بين الخشبتين ووضع المنشار على رأسه فنشر حتّى سقط المنشار من تحت رجليه ثمّ أمر بقدر عظيمة فألقي فيها زفت وكبريت ورصاص وألقي فيها جسد جرجيس فطبخ حتّى اختلط ذلك كلّه جميعا فأظلمت الأرض لذلك وبعث الله إسرافيل فصاح صيحة خرّ منها الناس لوجوههم ثمّ قلب إسرافيل القدر ، فقال : قم يا جرجيس بإذن الله تعالى فقام حيّا سويّا بقدرة الله تعالى وانطلق جرجيس إلى الملك ، فلمّا رآه الناس عجبوا منه فجاءته امرأة وقالت : أيّها العبد الصالح كان لنا ثور نعيش به فمات فقال لها جرجيس : خذي عصاي هذه فضعيها على ثورك وقولي : إنّ جرجيس يقول : قم بإذن الله ففعلت فقام حيّا فآمنت بالله ، فقال الملك إن تركت هذا الساحر أهلك قومي فاجتمعوا كلّهم أن يقتلوه فأمر به أن يخرج ويقتل بالسيف فقال جرجيس لما اخرج : لا تعجلوا عليّ ، اللهمّ إن أهلكت أنت عبدة الأوثان أسألك أن تجعل اسمي وذكري صبرا لمن يتقرّب إليك عند كلّ هول وبلاء ثمّ ضربوا عنقه ومات ثمّ أسرعوا إلى القرية فهلكوا كلّهم(١).
__________________
(١) قصص الأنبياء للثعلبي : ٢٤٣ والكامل لابن الأثير : ١ / ٢١٤ ، والبحار : ١٤ / ٤٤٥.