عشائر الهندية ولا طريق لهم إلى كربلاء لأنّ عشيرة عنزة قد نزلوا على الطريق وقطعوه عن المارّة ولا يدعون أحدا يخرج من كربلاء ولا أحدا يلج إلّا انتهبوه قال : فنزلت على رجل من العرب وصلّيت صلاة الظهر والعصر وجلست أنتظر ما يكون من أمر الزوّار وقد تغيّمت السماء ومطرت مطرا يسيرا فبينما نحن جلوس إذا خرجت الزوار بأسرها من البيوت متوجهين نحو طريق كربلاء فقلت لبعض من معي : اخرج واسأل ما الخبر فخرج ورجع إليّ وقال لي : إنّ عشيرة بني طرف قد خرجوا بالأسلحة النارية وتجمّعوا لإيصال الزوّار إلى كربلاء ولو آل الأمر إلى المحاربة مع عنزة ، فلمّا سمعت قلت : إنّ هذا الكلام لا أصل له لأنّ بني طرف لا قابلية لهم على مقابلة عنزة في البرّ وأظنّ هذه مكيدة منهم لإخراج الناس عن بيوتهم لأنّهم استثقلوا بقاءهم عندهم وفي ضيافتهم ، فبينما نحن كذلك إذ رجعت الزوّار إلى البيوت فتبيّن الحال كما قلت فلم تدخل الزوّار إلى البيوت وجلسوا في ظلالها والسماء متغيّمة فأخذتني لهم رقّة شديدة وأصابني انكسار عظيم وتوجّهت إلى الله تعالى بالدعاء والتوسّل بالنبيّ وآله وطلبت إغاثة الزوّار ممّا هم فيه ، فبينما أنا على هذا الحال إذ أقبل فارس على فرس رابع كريم لم أر مثله وبيده رمح طويل وهو مشمر عن ذراعيه فأقبل يخب به جواده حتّى وقف على البيت الذي أنا فيه وكان بيتا من شعر مرفوع الجوانب فسلّم فرددنا عليهالسلام ثمّ قال : يا مولانا ـ يسمّيني باسمي ـ بعثني من يسلّم عليك وهم كنج آغا محمد وصفر آغا وكانا من قوّاد العساكر العثمانية يقولان فليأت بالزوّار فإنّا قد طردنا عنزة من الطريق ونحن ننتظر مع عسكرنا في عرقوب السليمانية على الجادة فقلت له : وأنت معنا إلى عرقوب السليمانية؟ قال : نعم فأخرجت الساعة فإذا قد بقي من النهار ساعتان ونصف تقريبا فقلت بخيلنا فقدّمت إلينا فتعلّق بي ذلك البدوي الذي نحن عنده وقال : يا مولاي لا تخاطر بنفسك وبالزوّار وأقم الليلة حتّى يتّضح الأمر ، فقلت له : لا بدّ من الركوب لإدراك الزيارة المخصوصة ، فلمّا رأتنا الزوّار قد ركبنا تبعوا أثرنا بين ماش وراكب فسرنا والفارس المذكور بين أيدينا كأنّه الأسد الخادر ونحن خلفه حتّى وصلنا إلى عرقوب السليمانية فصعد عليه فتبعناه في الصعود ثمّ نزل وارتقينا على أعلى العرقوب فنظرنا ولم نر له عينا ولا أثرا فكأنّما صعد من السماء أو نزل في الأرض ولم نر قائدا ولا عسكرا فقلت لمن معي : ما بقي شكّ في انّه صاحب الأمر عليهالسلام.