فاضل المازندراني انحدر من سر من رأى إلى الحلّة في أوائل شهر شوّال من السنة المذكورة ليمضي على جاري عادته ويقيم على المشهد الغروي على مشرّفيه السلام ، فلمّا سمعت بدخوله إلى الحلّة وكنت يومئذ بها قد أنتظر قدومه فإذا أنا به وقد أقبل راكبا يريد دار السيّد الحسيب ذي النسب الرفيع والحسب المنيع السيّد فخر الدين الحسن بن علي الموسوي المازندراني نزيل الحلّة أطال الله بقاءه ، ولم أكن إذ ذاك الوقت أعرف الشيخ الصالح المذكور ولكن خلج في خاطري أنه هو ، فلمّا غاب عن عيني تبعته إلى دار السيّد المذكور ، فلمّا وصلت إلى باب الدار رأيت السيّد فخر الدين واقفا على باب داره مستبشرا ، فلمّا رآني مقبلا ضحك في وجهي وعرّفني بحضوره فاستطار قلبي فرحا وسرورا ولم أملك نفسي على الصبر على الدخول إليه في غير ذلك الوقت ، فدخلت الدار مع السيّد فخر الدين فسلّمت عليه وقبّلت يديه فسأل السيد عن حالي فقال له : هو الشيخ فضل ابن الشيخ يحيى الطيبي صديقكم فنهض واقفا وأقعدني في مجلسه ورحّب بي وأحفى السؤال عن حال أبي وأخي الشيخ صلاح الدين لأنّه كان عارفا بهما سابقا ولم أكن في تلك الأوقات حاضرا ، بل كنت في بلدة واسط أشتغل في طلب العلم عند الشيخ العالم العامل الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الواسطي الإمامي تغمّده الله برحمته وحشره في زمرة أئمّته ، فتحادث مع الشيخ الصالح المذكور متّع الله المؤمنين بطول بقائه فرأيت في كلامه أمارات تدلّ على الفضل في أغلب العلوم من الفقه والحديث والعربية بأقسامها وطلبت منه شرح ما حدّث به الرجلان الفاضلان العاملان العالمان الشيخ شمس الدين والشيخ جلال الدين الحلّيان المذكوران سابقا عفى الله عنهما ، فقصّ لي القصّة من أوّلها إلى آخرها بحضور السيّد الجليل السيّد فخر الدين نزيل الحلّة صاحب الدار وحضور جماعة من علماء الحلّة والأطراف وقد كانوا أتوا لزيارة الشيخ المذكور وفّقه الله وكان ذلك في اليوم الحادي عشر من شهر شوّال سنة تسع وتسعين وستمائة وهذه صورة ما سمعته من لفظه أطال الله بقاءه وربّما وقع في الألفاظ التي نقلتها من لفظه تغيير لكن المعاني واحدة.
قال حفظه الله تعالى : قد كنت مقيما في دمشق الشام منذ سنين مشتغلا بطلب العلم عند الشيخ الفاضل الشيخ عبد الرحيم الحنفي وفّقه الله لنور هدايته في علمي الاصول والعربية وعند الشيخ زين الدين علي المغربي الأندلسي المالكي في علم القراءة لأنّه كان