الأندلس؟ قال : لا ومولاي صاحب العصر قلت له : ومن أين تعرفني باسمي واسم أبي؟ قال : اعلم أنّه قد تقدّم إليّ وصفك وأصلك ومعرفة اسمك وشخصك وهيئتك واسم أبيك ، وأنا أصحبك معي إلى الجزيرة الخضراء ، فسررت بذلك حيث قد ذكرت ، ولي عندهم اسم ، وكان من عادته أنّه لا يقيم عندهم إلّا ثلاثة أيّام فأقام اسبوعا وأوصل الميرة إلى أصحابها المقرّرة ، فلمّا أخذ منهم خطوطهم بوصول المقرّر لهم عزم على السفر وحملني معه وسرنا في البحر ، فلمّا كان في السادس عشر من مسيرنا في البحر رأيت ماء أبيض فجعلت أطيل النظر إليه ، فقال لي الشيخ واسمه محمد : ما لي أراك تطيل النظر إلى هذا الماء؟ فقلت له : إنّي أراه على غير لون ماء البحر ، فقال لي : هذا هو البحر الأبيض وتلك الجزيرة الخضراء وهذا الماء مستدير حولها مثل السور من أي الجهات أتيته وجدته وبحكمة الله تعالى أنّ مراكب أعدائنا إذا دخلته غرقت وإن كانت محكمة ببركة مولانا وإمامنا صاحب العصر عليهالسلام ، فاستعملته وشربت منه فإذا هو كماء الفرات ، ثمّ إنّا لمّا قطعنا ذلك الماء الأبيض وصلنا إلى الجزيرة الخضراء [فإذا هي] لا زالت عامرة آهلة ثمّ صعدنا من المركب الكبير إلى الجزيرة ودخلنا البلد فرأيته محصّنا بقلاع وأبراج وأسوار سبعة واقعة على شاطئ البحر ذات أنهار وأشجار مشتملة على أنواع الفواكه والأثمار المنوّعة وفيها أسواق كثيرة وحمّامات عديدة وأكثر عماراتها برخام شفّاف وأهلها في أحسن الزيّ والبهاء فاستطار قلبي سرورا لما رأيته ، ثمّ مضى بي رفيقي محمد ـ بعد ما استرحنا في منزله ـ إلى الجامع المعظّم فرأيت فيه جماعة كثيرة وفي وسطهم شخص جالس عليه من المهابة والسكينة والوقار ما لا أقدر أن أصفه والناس يخاطبونه بالسيّد شمس الدين محمد العالم ويقرءون عليه في القرآن والفقه والعربية بأقسامها وأصول الدين والفقه الذي يقرءونه عن صاحب الأمر عليهالسلام مسألة مسألة وقضية قضيّة وحكما حكما ، فلمّا مثلت بين يديه رحّب بي وأجلسني في القرب منه وأحفى السؤال عن تعبي في الطريق وعرّفني أنّه تقدّم إليه كلّ أحوالي وأنّ الشيخ محمد رفيقي إنّما جاء بي معه بأمر من السيّد شمس الدين العالم أطال الله بقاءه ، ثمّ أمرني بتخلية موضع منفرد في زاوية من زوايا المسجد وقال لي : هذا يكون لك إذا أردت الخلوة والراحة ، فنهضت ومضيت إلى ذلك الموضع فاسترحت فيه إلى وقت العصر وإذا أنا بالموكّل بي قد أتى إليّ وقال لي : لا تبرح من مكانك حتّى يأتيك السيّد وأصحابه لأجل العشاء معك فقلت :