ومنه قول شاعر آخر :
أحنّ لهم ودونهم فلاة |
|
كأن فسيحها صدر الحليم |
فالشاعر في هذا البيت شبّه فسيح الفلاة بصدر الحليم ، فالتشبيه كما ترى مقلوب ، إذ المعهود تشبيه صدر الحليم بالفلاة. ولكن الشاعر رغبة منه في المبالغة بادّعاء أن صدر الحليم أفسح من الصحراء عكس التشبيه.
* * *
وفيما يلي طائفة أخرى من أمثلة التشبيه المقلوب تترك للدّارس أمر التعرّف إلى المشبه والمشبه به في كلّ منها.
قال أبو نواس في وصف النرجس :
لدى نرجس غضّ القطاف كأنه |
|
إذا ما منحناه العيون عيون |
وقال البحتري في المدح :
لجرّ عليّ الغيث هدّاب مزنه |
|
أواخرها فيه وأوّلها عندي |
تعجّل عن ميقاته فكأنه |
|
أبو صالح قد بت منه على وعد |
وقال ابن المعتز يصف سحابة ويشبه البرق بالسيوف المنتضاة :
وسارية لا تملّ البكا |
|
جرى دمعها في خدود الثرى |
سرت تقدح الصبح في ليلها |
|
ببرق كهندية تنتضى (١) |
وقال البحتري في تشبيه حمرة الورد بحمرة خدي محبوبته ، وتشبيه ميلان الغصن إذا هزّه النسيم بتثني قدّها :
__________________
(١) السارية : السحابة تمطر ليلا ، والثرى : التراب الندي ، والأرض ، كهندية تنتضى : أي مثل سيوف هندية تسلّ من أغمادها.