نشأة علم البيان وتطوّره
ـ ١ ـ ترتبط «البلاغة العربية» في الأذهان عند ذكرها بعلومها الثلاثة المعروفة لنا اليوم وهي : علم المعاني ، وعلم البيان ، وعلم البديع.
وقد يتبادر إلى بعض الأذهان أنّ هذه العلوم الثلاثة البلاغية قد نشأ كل واحد منها مستقلا عن الآخر بمباحثه ونظرياته ، ولكن الواقع غير ذلك.
فالواقع أنّ البلاغة العربية قد مرّت بتاريخ طويل من التطور حتى انتهت إلى ما انتهت إليه ، وكانت مباحث علومها مختلطا بعضها ببعض منذ نشأة الكلام عنها في كتب السابقين الأولين من علماء العربية ، وكانوا يطلقون عليها «البيان».
وقد أخذت الملاحظات البيانات تنشأ عند العرب منذ العصر الجاهلي ، ثمّ مضت هذه الملاحظات تنمو بعد ظهور الإسلام لأسباب شتّى ، منها تحضر العرب ، واستقرارهم في المدن والأقطار المفتوحة ، ونهضتهم العقلية ، ثمّ الجدل الشديد الذي قام بين الفرق الدينية المختلفة