ومراد أبي تمام أن يصف هذا المكان بأنه كان حسنا ثم زال عنه حسنه فقال بأن العين كانت تلتذ بالنظر إليه كالتذاذ السائمة بالمرعى ، فإنه كان يشبب به في الأشعار لحسنه وطيبه. وإذا قدرنا الأداة هنا قلنا : كأنه كان للعين مرعى وللنسيب منزلا ومألفا.
وجه الشبه
وجه الشبه هو المعنى الذي يشترك فيه طرفا التشبيه تحقيقا أو تخييلا. والمراد بالتحقيق هنا أن يتقرر المعنى المشترك في كل من الطرفين على وجه التحقيق. وذلك نحو تشبيه الرجل بالأسد. فالشجاعة هي المعنى المشترك أو الصفة الجامعة بينهما ، وهي على حقيقتها موجودة في الإنسان. وإنما يقع الفرق بينه وبين الأسد الذي شبّه به من جهة قوة الشجاعة وضعفها. وزيادتها ونقصانها.
ومثل ذلك تشبيه الشعر بالليل ووجه الشبه هنا هو السواد وهو مأخوذ من صفة موجودة في كل واحد من الطرفين وجودا حقيقيا ، وإن كان من فرق في الصفة فهو في درجة قوتها وضعفها.
والمراد بالتخييل أن لا يمكن وجوده في المشبه به إلا على سبيل التأويل والتخييل كقول القاضي التنوخي :
وكأن النجوم بين دجاها |
|
سنن لاح بينهنّ ابتداع (١) |
__________________
(١) البدعة والابتداع : غلب استعمالهما فيما هو نقص في الدين أو زيادة ، لكن قد يكون بعض البدعة غير مكروه ، فيسمى بدعة مباحة ، وهو ما شهد لجنسه أصل الشرع ، أو اقتضته مصلحة يندفع بها مفسدة.