يريد سهما رمى به فأنفذ الرميّة وقد اتصل به دمها ، والمتن متن السهم ، وشرخ كل شيء حده ، فأراد شرخي الفوق (١) وهما حرفاه ، والمشيج المختلط.
٤ ـ التشبيه البعيد : وهو الذي يحتاج إلى تفسير ، وعند المبرد أن هذا النوع هو أخشن الكلام ، كقول الشاعر :
بل لو رأتني أخت جيراننا |
|
إذ أنا في الدار كأني حمار |
فإن الشاعر أراد الصحة ، وهذا بعيد ، لأن السامع إنما يستدل عليه بغيره. وقال الله عزوجل ـ وهو من البين الواضح ـ : (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً) في أنهم قد تعاموا عن التوراة وأضربوا عن حدودها وأمرها ونهيها حتى صاروا كالحمار الذي يحمل الكتب ولا يعلم ما فيها.
ويلاحظ على هذا التقسيم الذي أورده المبرد للتشبيه أمور منها : أن هذه الأنواع الأربعة هي صفات لبعض التشبيهات ، وأنه لم يضع حدودا تميز كل نوع عما عداه. وترك هذا لحدس القارىء وتخمينه ، وأنه قد حكم على بعض الأمثلة التي أوردها بالحسن أو القبح دون أن يعلل لما استحسنه أو استقبحه. ولكنه في عصره المبكر وفي المراحل الأولى للبلاغة والنقد لم يكن ينتظر منه أن يتوسع في دراسة التشبيه بأكثر مما فعل.
أداة التشبيه
وأداة التشبيه كل لفظ يدل على المماثلة والاشتراك ، وهي حرفان وأسماء ، وأفعال ، وكلها تفيد قرب المشبه من المشبه به في صفته. والحرفان هما :
__________________
(١) الفوق بضم الفاء : فوق السهم ، وهو موضع الوتر.