وقال عبد الله بن الحارث : مكثت بعد أبيها ستة أشهر وهي تذوب ، وما ضحكت بعده أبدا (١).
وروى الطبراني بسند رجاله موثّقون ـ لكن فيه انقطاع ـ عن جعفر بن محمّد : مكثت فاطمة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ثلاثة أشهر ، ما رئيت ضاحكة ، إلّا أنّهم قد امتروا في طرف نابها (٢).
__________________
أولا : رواية الحاكم في المستدرك ٣ : ١٧٨ رقم ٤٧٦٥ عن جعفر بن محمّد قال : «ماتت فاطمة وهي ابنة إحدى وعشرين سنة».
وثانيا : تقدّم في اوائل الكتاب ، في بحث تعيين ولادتها : أنّ أغلب العلماء يقولون : إنّها ولدت بعد الإسلام ؛ كابن حجر وابن عبد البرّ ومصعب الزبيري واليعقوبي والحاكم النيسابوري والمحبّ الطبري والمزي وابن المديني ...
وغيرهم ، وهذا معناه أنّها لم تتجاوز الواحدة والعشرين. وذكرنا هناك أيضا أنّ الصحيح : أنّها ولدت بعد المبعث بخمس سنين ؛ للصحيح عن أبي جعفر محمّد الباقر عليهالسلام قال : «توفّيت ولها ثمان عشرة سنة وخمسة وسبعون يوما ...» (الكافي ١ : ٤٥٨).
هذا وقال المحبّ الطبري : «ذكر الإمام أبو بكر أحمد بن نصر بن عبد الله الدارع في كتاب تاريخ مواليد أهل البيت : أنّها توفّيت وهي ابنة ثمان عشرة سنة وخمسة وسبعون يوما». (ذخائر العقبى : ١٠١).
(١) سير أعلام النبلاء ٢ : ١٢٨.
(٢) المعجم الكبير ٢٢ : ٣٩٨ رقم ٩٩٥ وفيه عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام ، وراجع مجمع الزوائد ٩ : ٣٢٠ رقم ١٥٢٢٧ حيث قال : «رواه الطبراني ، ورجاله رجال الصحيح» ، وسبل الهدى ١١ : ٤٩.
والحديث مرويّ في أغلب كتب الإمامية ؛ كالبحار ٢٩ : ٣٩٠ و ٤٣ : ١٩٥ و ٩٧ : ٢١٦ ، والكافي ٤ : ٥٦١ و ٣ : ٢٨٨ ، ووسائل الشيعة ٣ : ٢٢٤ و ١٠ : ٢٧٩ وغيرهما عن جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام ، وفي مناقب ابن شهرآشوب ٣ : ١١٩ عن الباقر عليهالسلام : «أنّها عاشت بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله خمسة وسبعين يوما ، لم تر كاشرة ولا ضاحكة». والجميع رووه من دون عبارة : «إلّا أنّهم قد امتروا في طرف نابها» أي : أنّهم شكّوا في وجود علّة في فمها منعها من الضحك والتبسّم ، لا أنّها امتنعت عن الضحك والتبسّم لأجل حزنها على أبيها!!
والظاهر ـ والله العالم ـ أنّ هذه الزيادة موضوعة مدخولة على الحديث للتقليل من أهمية موقف الزهراء تجاه الحوادث الّتي جرت بعد رحيل الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله.
والّذي يؤكّد ذلك أنّ الرواية مرويّة عن جعفر بن محمّد الصادق صلىاللهعليهوآله ، وليس أحد يهتمّ بروايات الصادق أكثر من الإمامية ، وكلّ كتب الإمامية خالية عن هذه الزيادة.
وما يدلّل عليه أيضا أنّ ابن الأثير رواها في أسد الغابة ٧ : ٢٢١ في ترجمة فاطمة من دون هذه الزيادة ، وكذلك ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج ١٦ : ٢٨٠.