فلما انصرفوا من الحُصون ، أخذه أميرُ المؤمنين بيُمْناه فدحا به أذرُعاً من الأرض ، وكان البابُ يُغْلِقه عشرون رجلاً منهم.
ولمّا فَتَحَ أميرُ المؤمنين عليهالسلام الحِصْن وقَتَل مَرْحَباً ، وأغْنَمَ اللّه المسلمين أموالهَم ، استأذن حَسّان بن ثابت رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يقول شعراً. فقال له : « قُلْ ».
فأنشأ يقول :
وكان عليٌ أَرْمَدَ العينِ يَبْتَغي |
|
دَواءً فلمّا لم يُحِسَّ مُداوِيا |
شفاهُ رسولُ الله مِنه بتَفْلةٍ |
|
فبُورِكَ مَرْقِيّاً وبُوركَ راقِيا |
وقال سأُعْطِي الرايةَ اليومَ صارِماً |
|
كَمِيّاً مُحبّاً للرسولِ مُوالِيا (١) |
يُحبُّ إلهي والإلهُ يُحبّه |
|
به يَفْتَحً اللّه الحصُونَ الأوابيا |
فأصْفى بِها دونَ البَرِيّة كُلِّها |
|
عَلِيّاً وسمّاه الوزيرَ المُؤاخيَا |
وقد رَوى أصحابُ الاثار عن الحسن بن صالح ، عن الأعْمَش ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبداللّه الجَدَليّ قال : سَمِعتُ أميرَ المؤمنين عليهالسلام يقول : « لمّا عالجتُ بابَ خَيْبرَجَعَلْتُه مجَنّاً لي وقاتلتُ القومَ فلمّا أخزاهم اللّه وَضَعتُ البابَ على حِصْنهم طريقاً ، ثمّ رَميتُ به في خَندقهم ؛ فقال له رجل : لقد حَمَلْتَ منه ثقلاً! فقال : ما كان إلاّ مثلَ جُنَّتي التي في يَدي في غيرذلك المقام » (٢).
وذكر أصحابُ السِير : أنّ المسلمين لمّا انصرفوا من خَيْبر راموا
ــــــــــــــــــ
(١) في هامش « ش » : مواسياً.
(٢) نقله العلامة المجلسي في البحار ٢١ : ١٦. وذكر ذيله في المناقب لابن شهرآشوب ٢ : ٦٨.