الرشيد من ذلك ، ثمّ إنّ الظِباء هَبطَتْ من الأكَمَةِ فهبَطَتْ الصُقورةُ والكِلابُ ، فرَجَعت الظِباء إلى الأَكمة فتراجعتْ عنها الكلاب والصُقورة ، ففعلت (١) ذلك ثَلاثا (٢) ، فقال الرشيد : أًرْكُضُوا ، فمن لقيتموه فأتوني به ، فأتيناه بشيخ من بني أسَد ، فقال له هارون : أخبرني ما هذه الأكمة؟ قال : إن جعلتَ لي الأمان أخبرتُك. قال : لك عهدُ اللّه وميثاقه ألاّ اهِيجَك ولا أؤذِيك. قال : حدّثني أبي عن آبائي أنّهم كانوا يقولون أنّ في هذه الأكَمَةِ قبرَعليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، جعله (٣) الله حَرَماً لا يأوِي إليه شيءٌ إلاّ أمِن. فنزل هارون فدعا بماء وتوضّأ وصلّى عند الاكمَة وتمرَّغَ عليها وجعل يَبْكي ، ثمّ انصرفنا.
قال محمّد بن عائشة : فكأنَّ قلبي لم يقبل ذلك ، فلمّا كان بعد ذلك حججتُ إلى مكة ، فرأيتُ بها ياسراً رحّال (٤) الرشيد ، فكان يجلس معنا إذا طُفنا ، فجرى الحديث إلى ان قال :
قال لي الرشيد ليلةً من الليالي ، وقد قَدِمنا من مكةّ فنزلنا الكوفة : يا ياسر ، قل لعيسى بن جعفرفليركب ، فركبا جميعاً وركبت معهما ، حتى إذا صِرنا (٥) إلى الغَرِيّن ، فامّا عيسى فطرح نفسَه فنام ، وأمّا الرشيد فجاء إلى أكمَةٍ فصلّى عندها ، فكلّما صَلّى ركعتين دعا وبكى وتمرّغ
ــــــــــــــــــ
(١) في « م » وهامش « ش » : ففعلن.
(٢) في هامش « ش » : ملياً.
(٣) في هامش « ش » : جعلها.
(٤) في « م » : جمّال.
(٥) في هامش « ش » : صارا.