السورة. فإنّ الخبرَعن أحوالهم فيها يتلُو بعضه بعضاً ، وإن اختلفت ألفاظُه واتّفقت معانيه.
وكان من جملة خبر هذه الغزاة ، أنّ المشركين حضروا بدراً مُصرِّين على القتال ، مُستظهِرين فيه بكثرة الأموال ، والعَدَد والعُدّة والرجال ، والمسلمون إذ ذاك نفر قليل عددهم هناك ، حضرتْه طوائفٌ منهم بغير اختيار ، وشَهِدَتْه على الكُرْه منها له والاضطرار ، فتحدَّتْهم قريش بالبِراز ودَعَتْهم إلى المُصافّة والنِزال (١) ، واقترحَتْ في اللقاء منهم الأكفاء ، وتطاولت الأنصارُ لمبارَزَتهم فمنعهم النبي صلىاللهعليهوآله من ذلك ، وقال لهم : « إنّ القومَ دَعَوْا الأكفاء منهم » ثمّ أمر علياً أميرَ المؤمنين عليهالسلام بالبرُوز إليهم ، ودعا حمزةَ بن عبد المطّلب وعُبَيْدَة بن الحارث ـ رضي اللّه عنهما ـ أن يَبْرُزا معه.
فلمّا اصطفُّوا لهم لم يُثْبِتهم (٢) القوم ، لأنهم كانوا قد تَغَفروا (٣) فسألوهم : من أنتم ، فانْتَسَبوا لهم ، فقالوا : أكْفاءٌ كِرامٌ. ونَشِبَتْ الحربُ بينهم ، وبارز الوَليدُ أميرَ المؤمنين عليهالسلام فلم يُلَبِّثه (٤) حتّى قتله ، وبارَزَ عُتْبَةُ حمزةَ رضياللهعنه فقتله حمزة ، وبارز شَيبةُ عُبَيدةَ رحمهالله فاختلفت بينهما ضربتان ، قَطَعت إحداهما فخِذَ عُبَيدة ، فاستنقذه أميرُ المؤمنين عليهالسلام بضربة بَدَر بها شَيْبَة فقتله ،
ــــــــــــــــــ
(١) في « م » : والقتال.
(٢) في « ح » : يتبينهم.
(٣) تغفّروا : أي لبسوا المغافر ، والمِغفر : زَرَد ينسج من الدرع على قدر الرأس ، يلبس تحت القلنسوة : « الصحاح ـ غفر ـ ٢ : ٧٧١ ».
(٤) في « ش » و « م » : يُلبثه.