ولايات في الجنوب الامريكي تحرَم الزواج بين الافراد البيض وبين الهنود الحمر ، وهم اصحاب البلاد الاصليين (١). ولاشك ان مخالفة ذلك القانون تستدعي عقوبات قاسية ، فتعتبره الدولة زواجاً باطلاً ، والاطفال المتولدين عنه غير شرعيين ، وتلك العلاقة الجنسية بين الزوج وزوجته جنحة مخلة بالشرف.
الا ان هذه القوانين كلها عرضة للتغيير والتبديل. وهذا التبديل الذي يطال هذه القوانين يعكس قصور الانسان وفكره البشري على انشاء قوانين محكمة تصلح للتطبيق في كل الاحوال دون النظر الى الزمان أو المكان. الا ان الرسالة الدينية والاسلامية بالخصوص تحقق ما عجزت النظرية القانونية الغربية عن تحقيقه.
ان الدين في الدول النصرانية له تأثير كبير على شكل علاقة التغشي ما بين الرجل والمرأة. فالسلوك الجنسي يعتبر خطيئة وجرما ، الا ان الزواج يلغي هذا الالصاق: لان النصرانية تؤمن بان هدف التزاوج هو حفظ النسل الانساني من الانقراض وليس مجرد المتعة الجسدية. وقد نظَم مفهوم الدولة الحديثة عملية العلاقة الجسدية ما بين الزوج والزوجة ، واعتبر البغاء ـ ولو نظرياَ ـ جريمة يعاقب عليها. الا انفصال الدين عن السياسة في النظام الرأسمالي ، جعل هذه القوانين المتعلقة بالجرائم الاخلاقية تنحلَ تدريجيا بتغير الوضع الاجتماعي ، بحيث أصبحت المشكلة الاجتماعية التي يعاصرها الغرب الرأسمالي هي كيفية حفظ التصميم العائلي الذي يجرفه التغير الاجتماعي المعاصر. ولعل جوهر الخلاف بين النصرانية والنظرية الرأسمالية
__________________
١ ـ ( ارفينك مانديل ). قانون الزواج والطلاق. نيويورك : مطبوعات اوشينا ، ١٩٥٧ م.