النظام الرأسمالي تشبع جميع الحاجات العاطفية للافراد وتكون مصدراً من مصادر الاستقرار النفسي. وخلصنا الى نتيجة مفادها ان المجتمع الرأسمالي الصناعي لايوفر ـ في اي حال من الاحوال ـ قاعدة عائلية تمنح الاستقرار النفسي والحاجة العاطفية للافراد. وكان اعتراضنا على نظرية الصراع الاجتماعي منبثقاً من فكرة إن مجرد ربط الاضطهاد الاسري بالاضطهاد الاجتماعي ومظالم النظام الرأسمالي لايتعدى مجرد عرض للمشكلة الاجتماعية دون تقديم حل بديل يعالج ذلك الاضطهاد المزعوم.
ولاشك ان اهم المشاكل التي أفرزتها الحضارة الغربية المعاصرة هو تغير ولاء الافراد تجاه بعضهم الآخر. فاصبح الفرد الرأسمالي يحصر جلَ اهتماماته العملية على تحقيق رغباته الشخصية دون الاكتراث لمسؤوليته الاجتماعية تجاه المؤسسة العائلية. وغدا الولاء الاجتماعي يتحول تدريجيا من العشيرة والاقارب الى الدولة والنظام السياسي ؛ لان الدولة أصبحت تقوم بتقديم أغلب الخدمات التي كانت تقدمها العشيرة للفرد كالخدمات التعليمية والطبية واعانة العجزة ورعاية الاطفال. الا ان النظرية الاجتماعية الرأسمالية اصيبت بخيبة امل شديدة في العقود الثلاثة الماضية ؛ لان هذا التحول في الولاء الاجتماعي انشأ مشاكل جديدة فيما يتعلق باستقرار القاعدة الاقتصادية والعاطفية للعائلة الصغيرة ، وخصوصا على أصعدة الطلاق والاجهاض والاعتداء الجسدي. ولاريب ان المشاكل العائلية الخطيرة التي يواجهها المجتمع الصناعي الرأسمالي الحديث ، يجعلنا نتوجه بكل ثقل نحو الرسالة الدينية لنستلهم منها افكارنا فيما يتعلق بدور واطار عمل المؤسسة العائلية في النظام الاجتماعي.
فالاسلام ينظر الى المؤسسة العائلية باعتبارها نقطة أستقرار لعالم متحرك ، تنتقل من خلالها ممتلكات الجيل السابق الى الجيل اللاحق عن طريق الارث والوصية الشرعية ، ومؤسسة اجتماعية لتعويض الخسائر البشرية الحاصلة نتيجة موت الافراد ، ومحطة فحص وتثبيت انساب الافراد عن طريق الزواج والاقرار بالنسب ، ومركز حماية الافراد فيما يتعلق بالحب والحنان والدفء والمطعم والملجأ ، ومكاناً لتهذيب السلوك الجنسي ، ومسرحاً لتعلم