اما موقع العمل ، فهو من الاماكن التي يحصل فيها التعارف بين الرجل والمرأة ثم الاتفاق على الزواج اذا ما تم الاعجاب. وبعد أن اكمل النظام الرأسمالي ازالة الحواجز العرفية بين الرجال والنساء القائمة لقرون عديدة ، اصبحت عملية الزواج طريقة طبيعية لا تقيدها الضوابط الاجتماعية. فقد صفق الكثير من دعاة التحرر الاجتماعي لفكرة هدم الضوابط الاجتماعية التي تقيد عملية الزواج و « الحرية الفردية » فيما يخص قرار اختيار الزوج او الزوجة. ولكن نسبة الطلاق العالية التي يشهدها المجتمع الصناعي الرأسمالي اجيرت هؤلاء على الاقرار بعجز النظام الرأسمالي في انشاء نظام اسري يسعد المجتمع الانساني ، وينقله الى شاطئ الامان كما نقلته التقنية الحديثة الى مستوىً ارقى في التعامل الانساني.
وتعتبر نسبة الطلاق في ارقى المجتمعات الرأسمالية في العالم المتمثلة اليوم بالولايات المحتدة اعلى نسبة طلاق في التاريخ الانساني : حيث ان نصف الحالات الزوجية الامريكية تنتهي الى الطلاق كما ذكرنا ذلك سابقاً ، بعد اقل من سبع سنوات فقط من بدء الزواج ؛ وهذا دليل على تحلل النظام الاسري في المجتمع الرأسمالي. فالطلاق وثيقة اجتماعية دامغة تظهر فشل عملية التزاوج بين فردين اتفقا على انشاء اسرة كريمة لم يشتد عودها بعد : تماماً كمن يبذر بذرة آملاً في شجرة مثمرة ولكنه يترك شجرته بعد حين دون سقي في صحراء قاحلة. ولا تكمن مشكلة الطلاق في الاختلاف بين الطرفين المتخاصمين المتمثلين بالزوج والزوجة بل تتعدى الى ذرية الفرد وهم الاطفال ، فيقع عليهم الطلاق موقعاً مؤثراً وربما يؤدي الى تحطيم مستقبلهم. فالمشاكل التي تسبق الطلاق غالباً ما تترك تأثيراتها النفسية