ولما كانت الطهارة من شروط موضع السجود جرت السيرة عند المتشرعة منذ القديم على اتخاذ قطعة طاهرة طيبة من التربة من أي أرض كانت على الخصوص الأرض الطاهرة لمراقد الأئمة ـ أهل البيت الطاهرين عليهمالسلام ـ كالنجف الأشرف ، وكربلاء المقدسة ، ومشهد المشرفة .
يقول المرحوم الشيخ : عبد الحسين الأميني صاحب كتاب الغدير قدسسره : [ نحن نتخذ من تربة كربلاء قطعة لمعا وأقراص نسجد عليها كما كان فقيد السلف مسروق بن الأجدع يحمل معه لبنة من تربة المدينة سجد عليها والرجل تلميذ الخلافة الراشدة ، فقيه المدينة ومعلم السنة بها ، وحاشاه من البدعة .
فليس في ذلك أي حزازة أو تعسف أو شيء يضاد نداء القرآن الكريم ، أو يخالف سنة الله وسنة رسوله ، أو خروج من حكم العقل والاعتبار ، وليس اتخاذ تربة كربلاء مسجدا لدى الشيعة الإمامية من الفرض المحتم ولا من واجب الشرع والدين ، ولا مما ألزمه المذهب ، ولا يفرق أي أحد منهم منذ أول يومها بينها وبين غيرها من تراب الأرض في جواز السجود عليها خلاف ما يزعمه الجاهل بهم وبآرائهم ، وأن هو إلا استحسان عقلي ليس إلا واختيار لما هو أولى بالسجود لدى العقل والمنطق والاعتبار فحسب كما سمعت .
وكثير من رجال المذهب يتخذون معهم في أسفارهم غير تربة كربلاء مما يصح السجود عليه كحصير طاهر نظيف يُوثق بطهارته أو خُمرة مثله ويسجدون عليه في صلواتهم ] ١ .
__________________
١ ـ سيرتنا وسنتنا : ١٦٦ ـ ١٦٧