يصنعونه قويّا أشبه بالغراء حين تسحبه وهم يتركونه مدة إلى أن يجف ثم يقطعونه إلى قطع صغيرة ، ويغدو طعاما جيدا ولذيذا حين يطهى.
ويخزن الأتراك كميات كبيرة من هذا الطعام في حصونهم ، مثلما نفعل نحن ذلك بالنسبة إلى الذرة في بلادنا. فهم يتناولون هذه المادة عند الحاجة بدلا من الخبز أو أي طعام آخر.
وهذه الأطعمة التي يسميها اللاتينيون باسم «السليقة» كانت شائعة جدّا لدى القدماء الذين كانوا يتناولونها في أوقات الضرورة ، وقد أشار إليها «بليني» في الفصل الثامن من الجزء الثامن عشر من كتابه.
في هذه البلاد أصناف عديدة من الطيور منها الدجاج والبط والدراج والحجل والجهلول وغيرها. غير أن الأسماك قليلة عندهم إذ لا توجد لديهم سوى نهيرات صغيرة تكون مليئة بالسلاحف ، ولذلك فإن الأسماك جدّا نادرة في مدينة «حلب».
ولا يحب الأهلون أكل الأسماك لأنهم يتناولون بسببها كميات كبيرة من الماء ، بدلا من الخمر الذي تحرمه ديانتهم ، ولذلك فإن القليل من هذه الأسماك يتم الإتيان به إلى هنا من الأماكن الخارجية من أمثال «أنطاكية» ونهر الفرات الذي يبعد مسافة ميلين أو ثلاثة أميال من هنا.
ويعرض الأهلون للبيع كل أصناف الخضار كاللفت والجزر والفاصوليا وما شاكلها ، إلى جانب الثمار المجففة كالزبيب واللوز والبندق والفستق والجوز وغيرها.
ويتناول أهل هذه البلاد الشرقية طعامهم على الأرض. فحين يأزف وقت الطعام تفرش الأرض بقطع من الجلد تمد فوقها الأبسطة والمطارح ثم يجلسون عليهم وسيقانهم متقاطعة. وقبل أن يمدوا أيديهم لتناول الطعام يشكرون الله ثم يأكلون ويشربون بسرعة متناهية ، ويخفي كل واحد منهم ما يجول في ذهنه ، ولا يتحدثون على الطعام إلا قليلا. ويضع