الرحلة بذات الإحساس الذي كنت أحس به) وأن يصحبني في ذلك. وهكذا اتفقنا على التو ، وحددنا الطريق المفضل الذي ينبغي لنا أن نسافر فيه.
ولما كنا أغرابا فليس من المستبعد أن يعتبرنا القوم (وهم كثيرو الشك) من المتشردين أو الجواسيس. وإذ ذاك سينتهزون الفرصة رأسا (مثلما اعتاد الأتراك أن يفعلوا ذلك) فيفرضون علينا إتاوات أو ضرائب فادحة وبالشكل الذي يتعرض له المسيحيون الذين يتعاملون مع هذه الأنحاء ، من خسائر وأضرار جسيمة.
وحين أخذنا ذلك بنظر الاعتبار وجدنا أن التجارة هنا واسعة جدّا فهي لا تنقل من هنا إلى أرمينيا ومصر واسطنبول حسب (حيث تنقلها القوافل من هناك عبر الأناضول في مدة شهر تقريبا) وإنما ترسل بنطاق واسع إلى فارس والهند. وعلى هذا رأينا أن من الأفضل لنا أن ندعي بأننا من التجار ، كيما نستطيع أن نسافر بأمان مع التجار الآخرين ، وأن نشتري بعض السلع التي تباع في تلك الأقطار ونحملها معنا إلى مسافات بعيدة.
وحين شرعنا ننفذ هذه الخطة عانى صديقي الذي أشرت إليه وهو «هانز اولرخ رافت» من مدينة «اولم» مشاق كثيرة في تزويدي ـ طبقا لرغبتي وطلبي ـ بطائفة من السلع التي تباع في تلك البلدان على حساب نصيري المستر «ملشيور مانليش» وإذ ذاك حزمتها لأذهب بها إلى مدينة «بغداد» (١) التي تقع على نهر دجلة والتي ترسل منها أصناف التجارة إلى فارس والهند.
ولما كان يندر وجود أي من التجار الذين يودون السفر من حلب إلى تلك الأقطار ، كما يندر وجود أي نوع من ملابسنا هناك ، فقد ارتدينا الملابس التركية (كيلا يظن بأننا من الغرباء) ، وقد بدأنا أول الأمر بارتداء
__________________
(١) كتبها المؤلف باسم بغدت Bagdet.