بذلك حماية حدود سوريا وبلاد الرافدين وأرمينيا وغيرها من الهجمات التي يشنها هؤلاء ، ولنشر الأمن في تلك الربوع.
وكان الدروز يسكنون جبال لبنان ، وقد تزايد عددهم فأصبح في مقدورهم أن يقذفوا بستين ألف نفر إلى ميدان القتال ، (ومعظمهم من حملة البنادق المجربين). فإذا ما وقع حادث استطاعوا أن يأتوا بأولئك الجند دفعة واحدة في وقت قصير.
ولقد رأى السيد الأعظم (١) أن عددهم يتزايد يوما بعد آخر ولذلك خشي من أن يصبحوا في وقت من الأوقات جدّا أقوياء بالنسبة إليه ، ولكي يحول دون ذلك (كما سارت الأحاديث بها فيما بعد) ويخضعهم لإمرته ، فقد اتصل ببعض الباشوات والألوية (٢) ، بصفة رئيسة بباشا دمشق ، وطلب إليهم أن يجهزوا جيشا كبيرا ويطبقوا به عليهم. أما كيف استطاع السيد أن يضربهم وكيف انقض عليهم فذلك ما سأسرده بالتفصيل بعد عودتي لأنني لم أسمع في هذا الوقت وفي أسفاري الشيء الكثير عن هذا الحادث (٣).
كان الجند الذين جاؤوا مع الباشا ، ولكيلا يظلوا خاملين ، يتمرنون على إطلاق السهام ، أو المبارزة بالسيوف أو النبابيت. وكان أبناء البلاد ، في بعض الأحيان ، يشتركون معهم في ألعابهم تلك ولكن ليس بأنواع كثيرة من الأسلحة التي يستعملها المتبارون في بلادنا ، أي الخناجر والسيوف والرماح ، لأن هذه الأسلحة ليست على تلك الشاكلة في هذه البلاد. فهم يستعملون بدلا منها ، النبابيت أو الهراوات ، إذ يقترب
__________________
(١) السيد الأعظم لقب أطلقه الأوروبيون على السلطان العثماني.
(٢) جمع لواء أي الراية أو العلم. ويعرف في التركية باسم «سنجق» ويرمز به إلى إحدى وحدات الجيش.
(٣) لم يتحدث راوولف في رحلته عن هذا الحادث كما وعد بذلك قبلا.