حملنا معنا شيئا من العسل والمواد الأخرى التي نستفيد منها في السفينة. ذلك لأنه كان علينا أن نقطع بواسطة النهر طريقا طويلة عبر الصحارى والأماكن العديدة غير المأهولة مما لا يمكن الحصول فيها على الطعام ، إذ لا توجد فنادق على امتداد هذا النهر كما هو الأمر بالنسبة لنهري «الراين» و «الدانوب» اللذين تكثر فيهما مثل هذه الأماكن التي يتوفر فيها الطعام للمسافرين.
ولما كان ينبغي لنا أن نزود أنفسنا ببعض الأطعمة الساخنة أحيانا فقد تزودنا بعدة أدوات للطبخ (كما هو المعتاد في مثل هذه الحالات) لطهي اللحم فيها.
كان ربان سفينتنا ما زال في حاجة إلى المزيد من المسافرين والبضائع التي ثقلها سفينته ، ولذلك أرغمنا على المكوث فترة أطول انتظارا لتجار آخرين جاؤوا إلينا بعد وقت قصير من حلب (وكان بينهم بعض الأرمن والبعض الآخر من الفرس ، وآخرون من بغداد والبصرة (١) كذلك ركب مع هؤلاء في ذات السفينة أربعة جنود من الأتراك أرسلوا إلى بغداد لتعزيز الحدود مع فارس. كذلك نقل ربان السفينة بعض اليهود وهم أسوأ من اليهود في بلادنا وطلب إلينا أن نعنى بهم. وفضلا عن ذلك أجبرنا على أن ننقل معنا بعض الدراويش الذين تمرسوا على الاستجداء وأصبحوا يعتمدون عليه في معيشتهم (٢) فتراهم يطالبونك أن تتصدق عليهم بشيء ما لوجه الله ومع ذلك فإذا ما تهيأت لهم أية فرصة انقضوا
__________________
(١) ذكرها راوولف باسم بلصراBalsra كما يسميها أوروبيون غيره باسم بصورةBasura.
(٢) كثيرا ما يخيل إلى الأجانب أن طائفة الدراويش هم من رجال الدين كما سماهم المؤلف بذلك هنا. والحقيقة أن هؤلاء فئات من الناس لا علاقة لها بالدين بل قد لا تعرف من أحكامه شيئا وإنما اعتادت حياة التشرد والاستجداء والتنقل من مكان إلى آخر.