نهاية سلسلة الجبال وكانت تقوم أمامها وعلى هذا الجانب من النهر قلعة كبيرة فوق تل عال ، شيدت مربعة الشكل على يد أناس يسمونهم «الصليبيين» (١) ولها فتحتان تنحدران إلى النهر في حين تؤلف الفتحة الثالثة طريقا واسعة إلى الجبل وهذه القلعة تشبه في وضعها قلعة «بادن» بسويسرا (٢) ومع أن القلعة مهدمة إلا أن جدرانها لا زالت قوية جدّا سواء في القمة أو الجوانب وعلى الأخص الجدران المتجهة نحو الجبل والنهر ، والقصد من ذلك هو الحيلولة دون الوصول إليها من ناحيتي النهر والجبل معا. ولا تزال بعض أبراج المراقبة قائمة فيها عند الاتجاه نحوها من ناحية الجبل ، وهذه الأبراج لا تضم سوى ثلاثة أو أربعة جنود وما سوى ذلك فهي في شكل خرائب لا تسكن فيها سوى الطيور والهوام ، وقد ظهرت أعداد هائلة من هذه الطيور على شاطىء النهر ، منها «مالك الحزين» ونوع من البط كبير الحجم زاهي الألوان سماها (أرسطو) باسم (بليكان) (٣) وسماها غيره باسم (أونوكروتالي) (٤) وقد أشار إليها النبي «صفنيا» (٥) في إصحاحه الثاني عند ما أنذر أهل نينوى والآشوريين والعرب بالعقاب.
__________________
(١) هذه القلعة ـ كما نعتقد ـ هي الحصن الذي يعرف باسم «الحلبية» والذي يقال إن الزباء ملكة تدمر هي التي شيدته ويقع شمالي دير الزور على الجانب الأيمن من الفرات ويقوم قبالته حصن آخر يسمى «الزليبية» شيدته الزباء نفسها لأختها.
(٢) بادن Baden ويقصد بها «بادن بادن» من المدن الشهيرة في سويسرا.
(٣) Pilcan هو طائر البجع أو جمل الماء.
(٤) Onocrotali هو المعروف باسم «خلد الماء» له منقار يشبه منقار الطير لكنه من الحيوانات اللبونة.
(٥) صفنياZepheniah أحد الأنبياء الصغار الاثني عشر لليهود وقد وضع كتابا في ثلاثة فصول يحتوي على تعاليم وإنذارات. وقد أنذر صفنيا أهل نينوى بخراب مدينتهم وذلك قبل أن يغزو البابليون والمازيون سوية نينوى ويستولوا عليها ويحولوها إلى ركام سنة ٦١٢ قبل الميلاد.