وحين يرغبن في التجمل يحملن مقتنياتهن الثمينة (من خرز العنبر أو المرمر أو الزجاج المختلفة الألوان) في قلائد يعلقنها تحت صدوغهن حتى إذا ما انثنين أو تحركن راحت تلك القلائد تضرب وجوههن بل قد تعيقهن أحيانا عن أداء أعمالهن.
أما اللواتي ينتمين إلى طبقة أعلى ، أو يحاولن أن يصبحن غنيات وجميلات في ملبسهن فتراهن يلبسن الأقراط الفضية والذهبية في أنوفهن (مثلما يفعل ذلك البعض عندنا في بلادنا الأوروبية حين يلبسون قرطا في إحدى الأذنين) بالإضافة إلى العقيق الأحمر والفيروزج ، والياقوت الأحمر ، واللؤلؤ وغيرها. كذلك تلبس النساء أساور في أقدامهن وأيديهن وبكميات كثيرة أحيانا حتى إذا ما تحركن أو خطون راحت تلك الأساور تعلو وتهبط في أيديهن وأرجلهن محدثة أصواتا مسموعة ، وتلك من الأسباب التي دعتني أسهب في التحدث عن سكان هذه البلاد والصحارى بالصفة التي وجدتهم عليها.
بعد أن اجتزنا صحراء واسعة أخذنا نقترب من مدينة (عنه) وقد هبط رباننا إلى اليابسة ليلا وفي مكان جميل يبعد زهاء فرسخ ونصف الفرسخ عن المدينة ، حيث أمضينا الليلة في ذلك المكان ، لأنه كان من الخطر علينا جدّا أن نواصل الملاحة في النهر بسبب سرعة تياره ووجود بعض الصخور فيه.
تشتهر هذه المدينة بجمالها وذلك لكثرة الأشجار المثمرة فيها من أمثال الزيتون والليمون والبرتقال والرمان والليمون الحامض وكذلك أشجار النخيل التي لم أر لها شبيها بما شاهدته من أمثالها في سفراتي. فقد كانت هذه النخيل سميكة وصلبة للغاية. وحين ذهبت مع بعض من رفاقنا إلى المدينة وجدنا كميات كبيرة من الفواكه لم تعجبهم إطلاقا وقد رأينا بينها نوعين من هذه الفواكه التي اعتادوا جلبها إلى بلادنا ، أحدهما