أحمر اللون والآخر أصفره أطلق عليهما «سيرابيو» اسم «هيرون» (١) وذلك في الفصل التاسع والستين من كتابه ، ومع أنهما أقل حجما مما هو معروف لدينا إلا أنهما من نوع جيد وذي طعم لذيذ.
في صباح اليوم التالي تركنا أمر السفينة إلى ربانها وتوجهنا نحو المدينة وقد شاهدنا ونحن في الطريق إليها أشجارا مثمرة وفيرة إلى درجة أننا لم نصدق ما شاهدناه بعد أن أقبلنا من تلك البراري القاحلة التي كانت تمتد من «الدير» القريبة من حلب إلى مثل هذه الأرض المزروعة.
فقد بانت لنا أمام المدينة حقول من القطن الطري والكثيف مما قد لا يجد المرء أمثاله في مكان آخر ، إضافة إلى حقول القمح الزاهية التي علت سنابلها ونضجت وحان وقت حصادها ، فضلا عن الأشجار القائمة حواليها والمثقلة بالثمار ، مما جعل تجوالنا فيها مبهجا.
ولم أر في الطريق من النباتات الغربية سوى ما شاهدته في حقول القمح من نبات (الماش) العربي الذي أشرت قبلا والذي يظن عنه أنه هو نبات (كوركوروم) (٢) الذي ذكره «بليني». كذلك رأيت نبتة أخرى تشبه السمسم إلا أن ساقها أطول وأمتن ، وأوراقها أخشن وأكثر عددا ، شبيهة بأوراق الصفصاف في الطول واللون ، وهي تحمل أزهارا صفراء اللون ذات عروق حمراء أو بنية اللون تنتهي بعقد طول الواحدة منها بقدر الأصبع وبمقدار سمكه ومدببة عند الرأس ، ولها خمسة أصناف تحوي البذور التي تشبه نوعا من الخباز الذي يسمى «أبوتيلون» (٣).
ولقد استفسرت كثيرا عن هذه النبتة فلم أجد لها اسما آخر غير
__________________
(١) Hayron لعل المقصود به ثمر شجر التون المعروف في بلادنا «النبق».
(٢) كوركوروم Corchorum نبات متسلق ذو أزهار صفراء اللون.
(٣) أبوتيلون Abutilon نبتة من فصيلة الخبازيات.