ولا يجيز الأتراك لنسائهم دخول المساجد ، والظهور فيها علانية مثلما يفعل الفرس ذلك (١).
ولقد نشبت بين الأمتين التركية والفارسية حروب كبيرة وخصومات شديدة ، ومع ذلك فإن أيّا منهما لا تهاجم الأخرى في أوقات السلم ، ولا تغير على حدودها ، مثلما يفعل الأتراك ذلك في «هنغاريا» (٢).
وبعد أن أجريت المفاوضات بين الأتراك والفرس ، وحققت إيرادا كبيرا للسلطان ، أصبح في مستطاع الأتراك أن يتاجروا داخل الأراضي الفارسية ، وأن يتجولوا فيها بأمان.
كذلك علمت أنه يعيش هنا وفي فارس عدد من المسيحيين من بينهم أتباع يوحنا بريسترPrester John (٣) والطريق الذي وصل به هؤلاء إلى فارس يتلخص في أن ملك فارس توصل قبل اثنتي عشرة سنة ، إلى اتفاق مع «يوحنا» بريستر ضد الأتراك. ولما وجد يوحنا أن من غير الملائم أن يتحالف مع ملك من غير دينه بعث برسالة إلى ملك فارس
__________________
(١) أحجم الأتراك عن السماح لنسائهم بالصلاة في المساجد بعد أن انتشرت عادة التسري بينهم على نطاق واسع.
(٢) كان الأتراك هم الذين نشروا الدين الإسلامي في أوروبا الشرقية ومنها هنغاريا التي افتتحوها بعد استيلائهم على بلغاريا وعاصمتها صوفيا سنة ١٣٨٩ م.
(٣) برستر جون (يوحنا) Prester John هو اللقب الذي أطلقه الأوروبيون على ملك الحبشة وكانوا يعتمدون عليه في نشر الديانة المسيحية في أفريقيا قبل أن تبدأ غزوات الاستعمار الأوروبي في القرن الرابع عشر للميلاد.
أما دخول المسيحية إلى فارس فقد حدث لأول مرة في سنة ٢٥٨ م حين أخذ شابور بن أردشير ملك فارس ، بعد انتصاره على جيش الامبراطور الروماني فاليران ، عددا من الأسرى الرومانيين وأقام لهم معسكرا في بقعة من الأرض بين سوسة وتستر عرف باسم جنديسابور حيث أعطيت الحرية لأولئك الأسرى للتبشير بالمسيحية في إيران.