أخبار الآحاد إذا لم يكن الخبر في الفروع والأحكام ولم يكن محفوفا بالقرائن الّتي توجب العلم بصدوره لا يحصل الإيمان بمضمونه ؛ لأنّ الخبر إذا كان غير قطعي الصدور لا يتأتّى منه الإيمان والاعتقاد ، لاحتمال عدم صدوره ، أو وقوع اشتباه في نقل متنه.
وأمّا حمله على خلاف ظاهره ، فإن كان على سبيل الجزم فهو قول بغير علم ، وإن كان على سبيل الاحتمال فلا اعتناء به قبال ظهوره في معناه الّذي لو كان الخبر مقطوع الصدور يوجب الإيمان والاعتقاد به ، ولا يترتّب على إبداء هذا الاحتمال فائدة إذا.
فلا فائدة في التكلّف بحمل أخبار الآحاد الدالّة على تفصيلات أمر الدجّال على خلاف ظاهره ، بعد العلم بأنّها لا توجب العلم والعقيدة ولا العمل ، مثل حمل ما فيه أنّه مكتوب بين عينيه أنّه كافر بأنّ الكتابة هنا ليس على الحقيقة ، بل كناية عن الأمارات الدالّة على صاحبها ، والقراءة معناها أن تلهم النفس المؤمنة بإشراقها ما يبصرها الحقيقة دون امتراء ، حتّى لكأنّ الدجّال صفحة مكتوبة بيّنة الكلمات لا يخفى فهمها على أحد ، انتهى (١).
أقول : هذا لعب بالحديث واستخفاف به ، وليت شعري من أين وبأيّ قرينة علم أنّ الكتابة هنا ليس على الحقيقة بل هي الكناية عمّا ذكره؟
وما هو الشاهد على ترجيح هذا على ما هو معنى اللفظ بحسب ظاهره العرفي؟ ولم لا يجوز أن يكون ذلك مكتوبا بين عينيه؟
فإن هو زعم أنّ غرابة المعنى قرينة على عدم إرادة المعنى الحقيقيّ
__________________
(١) نهاية البداية والنهاية : ج ١ ص ٩١.