سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ. ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) (١) ، ومعنى قوله : «فلمّا توفيتني» : فلمّا أخذتني من بينهم ، جعلت صلتي بهم وبعالمهم الأرضيّ منتهية.
فالمراد «توفّيه» أي أخذه بالرفع لا بالإماتة ، وقد علمت أنّ التوفّي في اللغة وفي عرف القرآن لا يختصّ بالأخذ من النوع الثاني ، أي أخذ الروح.
هذا تفصيل ما ورد في القرآن متعلّقا برفع عيسى عليهالسلام ، وفيه فضلا عن الآيات المذكورة آيتان يفهم منهما نزوله في آخر الزمان ، فيكون فيهما ـ أيضا ـ دليلان على السابق ، كما كانت في أحاديث النزول أدلّة ، وليس الأمر كما توهّم الشيخ من أنّ حادثة الرفع لم يقم عليها دليل في القرآن ، ولا محلّ لنزوله بعد سقوط رفعه ... ، ليس الأمر كما توهّم ، بل كلّ من آيتي الرفع وقد سبق ذكرهما ، وآيتي النزول وهما قوله تعالى في سورة النساء : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) (٢) ، وقوله في سورة الزخرف : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) (٣) يعضد بعضهما بعضا ، ولا يستطيع الشيخ المنكر لنزوله عليهالسلام في آخر الزمان أن يجد تأويلا لآيتي النزول المذكورتين من دون أن يذهب إلى تكلّفات بعيدة ، كما لا يستطيع أن يجد جوابا لما ذكرنا في آيتي الرفع من القرائن
__________________
(١) المائدة : ١١٦ و ١١٧.
(٢) النساء : ١٥٩.
(٣) الزخرف : ٦١.