غاية البعد ، بل معلوم العدم ، لعدم وجود أصل تعبّدي لهذا الأصل.
أمّا الأصل التعبّدي الشرعي فليس في البين إلّا الاستصحاب وفساد الابتناء عليه أوضح من أن يخفى ؛ لعدم حالة العدالة السابقة المتيقّنة لمن لم يثبت فسقه وعدالته حتّى تستصحب تلك الحالة.
وأمّا الأصل التعبّدي العقلائي ، أي استقرار بناء العقلاء على قبول كلّ خبر ما لم يثبت جرح مخبره بالكفر وفساد العقيدة أو ارتكاب الكبيرة والفسق ، فهذا أيضا محلّ الإنكار ، مضافا إلى رجوعه إلى عدم اعتبار شرط العدالة وإلغائه في جواز الأخذ بالخبر.
وإن اريد بأصالة العدالة : الاعتماد على حسن الظاهر على أنّه العدالة ، أو على أنّه طريق إليها ، بناء على كونها ملكة نفسانية وحالة روحية يشقّ بها على صاحبها ارتكاب المعصية ، فإن اتّفق صدورها منه يندم عليها ويتداركها بالتوبة ويلوم نفسه بها ، وأنّ عليها يحكم بعدالة من كان له ظاهر حسن لا يتجاهر بما يخالف الشرع ويرتّب عليه آثار العدالة ، فإجراء هذا الأصل بالنسبة إلى المجاهيل وغير الموصوفين بحسن الظاهر واضح الفساد.
نعم ، يمكن أن يقال : إنّ المحدّثين القدماء ، مثل : الصدوق والكليني وغيرهما ـ رضوان الله تعالى عليهم ـ لم يأخذوا الأحاديث التي أخرجوها في كتبهم من المناكير وأبناء السبيل والقاعدين على الطرق والشوارع والقصّاص وأمثالهم ، فمثل الصدوق عادة يعرف شيوخه بأسمائهم وأنسابهم وحالاتهم من الإيمان والعدالة والفسق ، ولا يروي عمّن لا يعرفه بشخصه واسمه ونسبه وصفاته أصلا ، ولا يكتفي بتعريفه نفسه ، فلا يكتب عنه إلّا بعد معرفته بظاهر حاله وبمذهبه ونحلته ، وأنّ له