إن قلت : فهل يعمل على خبر المجهول؟ وهل يجوز الاعتماد عليه؟
قلت : الجهل بحال الراوي : إمّا يكون مطلقا يشمل الجهل بإيمانه وبعدالته وفسقه ، وإمّا يكون مقصورا بفسقه وعدالته مع العلم بإيمانه. ولا كلام في أنّه لا يجوز العمل على القسم الأول ولا يحتجّ به ، وأمّا القسم الثاني فيجوز مع الجهل ـ أي الشكّ في فسقه وعدالته ـ البناء على عدم فسقه ؛ لعدم ثبوت صدور معصية منه ، والأخذ بخبره إذا لم يكن معارضا بما يخرجه عن استقرار سيرة العقلاء على العمل بخبر الواحد ، فما يخرج الخبر عن صلاحية الاعتماد عليه هو الجرح ، ومع عدمه لا حاجة إلى تعديل رواية.
إن قلت : إذن كيف يصحّ الاعتماد على خبر المخالف أو غير الاثني عشرية من الشيعة مع أنّهم قد جوزوا العمل بأخبار الثقات الممدوحين بالصدق والأمانة كائنا مذهبه ما كان؟
قلت : أمّا رواياتهم المؤيّدة لمذهب أهل الحقّ ، المأثورة في اصول الدين ، ورواياتهم في فضائل أهل البيت ، وما اتّفقت عليه كلمة أصحابهم وشيعتهم ، فاعتمادهم عليها : إمّا للاحتجاج عليهم والجدال معهم بالتي هي أحسن ، وإمّا لحصول الوثوق بصحّتها ؛ لعدم الداعي غالبا لهم في وضع هذه الأخبار ، فالاحتجاج بها أحسن ، والاعتماد عليها أفحم للخصم.
وأمّا رواياتهم في الفروع والتكاليف العملية فالاعتماد عليها يدور مدار كون الراوي موثّقا في جميع الطبقات ، يوجب نقله الاطمئنان بصدوره ، ولم يكن معارضا لغيره من الأخبار ، ومع التعارض يعمل على طبق قواعد التعادل والترجيح كما بيّن في محلّه في الاصول.