وقد أورد على الحديث ثانيا أيضا بما يرجع إلى سنده ، فقال : لو كان الصدوق حكم بصحّته ، لم لم يرو في فقيهه ما تضمّنه من الفقه؟ ولم لم يرو في معانيه ما تضمّنه من معاني الحروف؟ (١).
والجواب عنه : أنّ عدم روايته في فقيهه لا يدلّ على عدم اعتماده بالحديث ، ولا ينافي حكمه بصحّته ، فلعلّه ألّف كماله بعد فقيهه ، أو ظفر بالحديث بعد تأليفه «للفقيه» ، فأدرجه في كماله ، مضافا إلى أنّه لم يستقص في «الفقيه» جميع الفروع ، كما لم يستقصها في مقنعه وهدايته ، وترك فيهما بعض الفروع المشهورة التي لا ينساها المحدّث والفقيه عادة ، ولا ريب أنّه لم يلتزم باستقصاء جميع الفروع في كتبه ، ولو التزم بذلك أيضا فلا يستبعد عدم وفائه به لبعض الأعذار مثل النسيان ، وممّا قلنا يظهر عذره في عدم روايته في معانيه ، وليت شعري أيّ دلالة لعدم إخراج رواية أخرجها مثل الصدوق في كتاب مثل «كمال الدين» في كتابه الآخر على ضعف الرواية ، وإلّا فيدلّ عدم ذكره كثيرا من الفروع في «المقنع» و «الهداية» على أنّه لم يكن عنده من الفروع غير ما ذكره ، وكذا سائر مؤلّفي الموسوعات الفقهية وغيرها.
وقال أيضا : لو كان الخبر صحيحا لم لم يروه الشيخ في غيبته مع وقوفه على «كمال الدين»؟ (٢).
وهذا أيضا عجيب منه ، فإنّه لو كان هذا دليلا على ضعف الخبر يلزم منه تضعيف كلّ ما لم يروه الشيخ في غيبته ممّا أخرجه الصدوق في كماله ، وما أخرجه النعماني في غيبته ، والفضل بن شاذان ، وغيرهم.
__________________
(١) الأخبار الدخيلة : ج ١ ص ٩٨.
(٢) المصدر نفسه.