فتكلّم فلم أر أحسن من كلامه ، ولا أعذب من منطقه في حسن جلوسه ، فذهبت اكلّمه فزبرني الناس ، فسألت بعضهم من هذا؟ فقال : ابن رسول الله ، يظهر للناس في كلّ سنة يوما لخواصّه فيحدّثهم ويحدّثونه ، فقلت : مسترشد أتاك فأرشدني هداك الله ، قال : فناولني حصاة فحوّلت وجهي ، فقال لي بعض جلسائه : ما الذي دفع إليك ابن رسول الله؟ فقلت : حصاة ، فكشفت عن يدي فإذا أنا بسبيكة من ذهب ، وإذا أنا به قد لحقني ، فقال : ثبتت عليك الحجّة ، وظهر لك الحق ، وذهب العمى ، أتعرفني؟ فقلت : اللهمّ لا ، فقال المهدي : أنا قائم الزمان ، أنا الذي أملأها عدلا كما ملئت ظلما وجورا ، إنّ الأرض لا تخلو من حجّة ، ولا يبقى الناس في فترة أكثر من تيه بني إسرائيل ، وقد ظهر أيام خروجي ، فهذه أمانة في رقبتك ، فحدّث بها إخوانك من أهل الحقّ.
وبالإسناد ، عن أحمد بن علي الرازي ، قال : حدّثني محمّد بن علي ، عن محمّد بن أحمد بن خلف ، قال : نزلنا مسجدا في المنزل المعروف بالعباسية على مرحلتين من فسطاط مصر ، وتفرّق غلماني في النزول وبقي معي في المسجد غلام أعجمي ، فرأيت في زاويته شيخا كثير التسبيح ، فلمّا زالت الشمس ركعت وصلّيت الظهر في أول وقتها ، ودعوت بالطعام ، وسألت الشيخ أن يأكل معي فأجابني ، فلمّا طعمنا سألت عن اسمه واسم أبيه ، وعن بلده وحرفته ومقصده ، فذكر أنّ اسمه محمد بن عبد الله ، وأنّه من أهل قم ، وذكر أنّه يسيح منذ ثلاثين سنة في طلب الحقّ ، وينتقل في البلدان والسواحل ، وأنّه أوطن مكة والمدينة نحو عشرين سنة يبحث عن الأخبار ويتتبّع الآثار ، فلمّا كان في سنة ثلاث وتسعين ومائتين طاف بالبيت ، ثم صار إلى مقام إبراهيم عليهالسلام