نرجو أن يكون قد أذن الله في الانتصار للمستضعفين وفي الانتقام من الظالمين.
ولقد لقيت جماعة من أصحابي وأدّيت إليهم ، وأبلغتهم ما حمّلت وأنا منصرف ، واشير عليك أن لا تتلبّس بما يثقل به ظهرك ، ويتعب به جسمك ، وأن تحبس نفسك على طاعة ربّك ، فإنّ الأمر قريب إن شاء الله تعالى.
فأمرت خازني فأحضر لي خمسين دينارا ، وسألته قبولها ، فقال : يا أخي ، قد حرّم الله عليّ أن آخذ منك ما أنا مستغن عنه ، كما أحلّ لي أن آخذ منك الشيء إذا احتجت إليه ، فقلت له : هل سمع منك هذا الكلام أحد غيري من أصحاب السلطان؟ فقال : نعم ، أحمد بن الحسين الهمداني المدفوع عن نعمته بآذربيجان ، وقد استأذن للحجّ تأميلا أن يلقى من لقيت ، فحجّ أحمد بن الحسين الهمداني ـ رحمهالله ـ في تلك السنة فقتله ذكرويه ابن مهرويه ، وافترقنا وانصرفت إلى الثغر ، ثم حججت فلقيت بالمدينة رجلا اسمه طاهر من ولد الحسين الأصغر ، يقال : إنّه يعلم من هذا الأمر شيئا ، فثابرت عليه حتّى أنس بي ، وسكن إليّ ، ووقف على صحّة عقيدتي ، فقلت له : يا ابن رسول الله ، بحقّ آبائك الطاهرين عليهمالسلام لمّا جعلتني مثلك في العلم بهذا الأمر ، فقد شهد عندي من توثّقه ، بقصد القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب إيّاي لمذهبي واعتقادي ، وأنّه أغرى بدمي مرارا ، فسلّمني الله ، فقال : يا أخي ، اكتم ما تسمع منّي الخبر في هذه الجبال ، وإنّما يرى العجائب الذين يحملون الزاد في الليل ، ويقصدون به مواضع يعرفونها ، وقد نهينا عن الفحص والتفتيش ، فودّعته وانصرفت عنه.