ثم قال (١) : أقول : ويوضّح جعلهما اشتمالهما على إخباره عليهالسلام بقرب زمان ظهوره من ألف ومائة سنة تقريبا قبل ، وهو أمر واضح البطلان بالعيان ، وقد تواتر أنّه قال : كذب الوقّاتون ... إلخ.
وفيه : أولا : أنّ الاعتماد في الخبر الأول على ما رواه الصدوق وليس في ذيله ما يدلّ على قرب زمان الظهور ، وهذا لفظه بعينه : ولا يبقى الناس في فترة ، وهذه أمانة لا تحدّث بها إلّا إخوانك من أهل الحقّ.
وأمّا الخبر الثاني فليس فيه ما يوهم ذلك إلّا قوله : «نرجو أن يكون قد أذن الله في الانتصار للمستضعفين ، وفي الانتقام من الظالمين» وهذه العبارة كما ترى لا تدلّ على قرب زمان الظهور بحيث ينافي تأخّره إلى زماننا هذا وبعده. نعم ، كأنّه قد فهم الراوي ذلك منها فقال : ولقد لقيت جماعة ... إلخ ، إلّا أنّ المعيار على ما يستفاد من لفظ الحديث لا على فهم الراوي.
وثانيا : قرب زمان وقوع كلّ أمر واقترابه يكون بحسبه ، فقد قرب زمان وقوع الساعة وحساب الناس ، واقترب بالنسبة إلى ما مضى من الدنيا ، قال الله تعالى : (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ) (٢) وقال سبحانه : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) (٣) وقال عزوجل : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) (٤) وظهور الإمام الذي أوّلت بعض آيات الساعة به ، وعبّر عنه بالساعة أيضا مثل ذلك ، يجوز أن يقال فيه مع
__________________
(١) أي الناقد.
(٢) الأنبياء : ١.
(٣) القمر : ١.
(٤) محمّد : ١٨.