بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الّذي أظهر شعار آل محمّد كَنارٍ على علم ، ورفع منار فضلهم على رغم من نصب لهم وظلم ، وكثّر شيعتهم بعد قلّة العَدد ، وأعزّ ذلّتهم بعد ضعف العُدَد.
وكانوا فيما مضى من السنين والشهور ، وسلف من الأعوام والدهور ، كهلال اليقين في ليل الشك الأظلم ، أو كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأدهم ، قد عصفت بهم رياح الفتن ، ودارت عليهم رحى الإزراء والمحن ، فتخلّلوا غمار الناس ، واستتروا من الأرجاس في رثّ اللباس ، وتدرّعوا مدارع التقيّة خشيةً من طغاة بني أميّة ، وتجلببوا بجلابيب الإختفاء خوفاً من بني العباس الطلقاء ، إمتثالاً لأمر أئمّتهم الأنجاب ، وعملاً بما ورد في السنّة والكتاب.
ومع ذلك فالأرض حمراء من دمائهم المسفوكة ، والسجون مشحونة بأجسام أبنائهم وبناتهم المهتوكة ، حتّى أدّى بهم الحال العبوس ، إلى أن صارت مقاصر أبدانهم الحبوس ، وغدت منابر علمائهم شواهق المصالب في الشموس.
فلم ينههم ذلك الحال الشديد عن التمسّك بعروة الله الوثقى ، ولا منعهم ذلك القتل والتشريد عن سلوك طريق أئمّتهم المثلى ، فما يرحوا كذلك وعلى ذلك إلى أن أسفر الحقّ عن محيّاه ، ونادى الصدق يا بشراه ، فكسر قرن الضلال ، ونكّس علم