وقد اختص من بين السلاطين بنصرة الميامين ، وتفرّد من بين الملوك والخواقين بتأييد شريعة سيّد المرسلين قطب الدائرة ودائرة القطب ، قلب المحبوب وحبيب القلب ، حسام الإيمان ومظهر الأديان ، عين الدهر بالإجماع ، وإنسان عين النبيّ المطاع ، إكليل التاج ودرّة الإكليل ، المفتخر برقم اسمه وجه التسجيل ، والمبتهج برسم نافذ حكمه مفرّق التعظيم والتبجيل ، السلطان بن السلطان الشاه إسماعيل ، واتصل ذلك إلى زمان الحري بالإمكان كريم خان ، فاشتد عضد الشيعة وصارت حوز[ ت ]هم منيعة ، وعاد قول علمائهم هو المركون إليه ، والحقّ يعلو ولا يُعلى عليه.
وحين استولت على الفرس ملوك القاجار ، وأدخلوا مملكة الأعاجم تحت قبضة الإقتدار ، توّجوا الدين المُحمّدي بتيجان الظهور ، وأركبوا طالبيه سبق السرور ، سيّما في عهد السلطان الأعظم والشاه الأفخم ، غرّة جباه سلاطين العرب والعجم ، مالك رقاب ملوك الترك والديلم ، شمس فلك الشرف والكرم ، بدر سماء العدل والشيم ، جمال التُخوت ، وجلال الدساكر والدسوت ، حامي حوزة الملك والسلطان ، بلوامع البواتر وذوابل الخرصان (١) ، العامل في كلّ زمان ، بقول العلي الديّان ، في محكم القرآن : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ) (٢) ، صاحب الجيش الجرار ، وصارم الجزّار ، فتحعلي شاه قاجار ، فهناك دوّنت الدواوين والكتب ، ورصعت بلآلي المراثي والخطب ، وكلّلت عقود الإنشاء بفرائد العقيان ، وبيعت جواهر الشعر بنفائس الأثمان ، فما تسمع في شهر عاشوراء وصفر ط بكلّ ناد ومحضر ، إلّا وصوت منشد يقرّح الأكباد ، ونشيج باك يقطّع بحنينه نياط الفؤاد ، وأكثر الشيعة في هذين الشهرين يشتغلون بأنفسهم بالمآتم ، وينفقون من مالهم الجلّ المتعاظم.
وكان السلطان المذكور ؛ إذا هلّ عاشور اعتزل التخت والتاج ، وخلع ملابس
__________________
(١) الخِرص : الجمل الشديد الضليع ، والجمع أخراص وخِرصان. ( المعجم الوسيط ).
(٢) سورة النحل : ١٦ : ٩٠.