قال : فجلس الشمر على صدره وما زال يضرب بالسيف في نحره حتّى احتزّ رأسه المكرم (١).
وكان ذلك باليوم العاشر من شهر المحرم سنة إحدى وستّين من الهجرة بكربلاء.
ولله درّ من قال :
حتّى إذا قرب المدى وبه |
|
طاف الردى وتقاصر العمر |
أردوه منعفراً يمجّ دما |
|
منه الضبا والذبل السمر |
تطأ الخيول إهابه ولها |
|
منه إذا هي أعرضت طمر |
ظام يبلّ أوام غلّته |
|
ريا بفيض نجيعه النحر |
بأبي القتيل ومن بمصرعه |
|
ضعف الهدى وتضاعف الكفر |
بأبي الذي أكفانه نسجت |
|
من عثير وحنوطه عفر |
ومغسّل بدم الوريد فلا |
|
ماء أعدّ له ولا سدر |
بدر هوى من أوجه فبكى |
|
لخمود نور ضيائه البدر |
هوت النسور عليه عاكفة |
|
وبكاه عند طلوعه النسر |
وبكت ملائكة السماء له |
|
حزناً ووجه الأرض مغبّر |
فعلى الأطائب من آل بيت محمّد فليبك الباكون ، وإيّاهم فليندب النادبون ، وليضجّ الضاجّون ، أين الحسن وأين الحسين ؟ وأين أبناء الحسين ؟ صالح بعد صالح ، وإمام بعد إمام ، أين الخيرة بعد الخيرة ؟ أين الشموس الطالعة ؟ أين الأقمار المضيئة ؟ أين الشهب الواضحة ؟ أين الأعلام اللائحة؟ (٢) أو لا تكونون يا إخواني كمن أورت هذه المصائب الفادحة في فؤاده نيران الأحزان الجائحة فأرسل شآبيب دموعه ، وطلّق أبكار نومه وهجوعه ، ورثاه بما صوّره الخاطر
__________________
(١) ورواه السيّد ابن طاوس في الملهوف : ص ١٧٦ ـ ١٧٧ مع اختلافات لفظية.
(٢) من قوله : « فعلى الأطائب » إلى هنا اقتباس من دعاء الندبة.