رضىً ولهؤلاء الجلساء فيهنّ أجر وثواب » ؟
قال : فأبى يزيد عليه ، فقال النّاس : يا أمير (١) ، ائذن له يصعد المنبر ، فلعلّنا نسمع منه شيئاً.
فقال يزيد : إنه إذا صعد المنبر لا ينزل إلاّ بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان.
فقيل له : يا أمير ، وما قدر ما يُحسن هذا.
فقال يزيد : إنّ هذا من أهل بيت زقّوا العلم زقّاً.
قال : فلم يزالوا به حتّى رضي ، فقام عليهالسلام وصعد المنبر وخطب خطبة أبكى منها العيون وأوجل منها القلوب ، ثم قال :
« أيّها النّاس ، أعطينا ستّاً وفضّلنا بسبع ، أعطينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبّة في قلوب المؤمنين ، وفضّلنا بأنّ منّا النبيّ المختار ، ومنّا الصدّيق ، ومنّا البضعة ، ومنّا الطيّار ، ومنّا أسد الله وأسد رسوله ، ومنّا سبطا هذه الأمّة.
من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أعرّفه بنفسي ونسبي.
أيّها النّاس ، أنا ابن مكّة ومنى ، أنا ابن زمزم والصفا ، أنا ابن من حمل الزكاة على أطراف الرداء ، أنا ابن خير من اتّزر وارتدى ، أنا ابن خير من انتعل واحتفى ، أنا ابن خير من طاف وسعى ، أنا ابن خير من حجّ ولبّى ، أنا ابن من حُمِل على البراق في الهوى ، أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، أنا ابن من بلغ به جبرئيل إلى سدرة المنتهى ، أنا ابن من دنى فتدلّى فكان قاب قوسين أو أدنى ، أنا ابن من صلّى بملائكة السماء ، أنا ابن من أوحى إليه الجليل ما أوحى ، أنا ابن محمّد المصطفى.
أنا ابن علي المرتضى ، أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتّى قالوا لا إله إلاّ الله ، أنا ابن من ضرب بين يدي رسول الله بسيفين ، وطعن برمحين (٢) ، وهاجر
__________________
(١) في الأصل : « أمير المفسدين » ، وفي المقتل للخوارزمي : « أمير المؤمنين ».
(٢) المثبت من المقتل للخوارزمي ، وفي الأصل : « بالسيفين ... بالرمحين ».