فقال لهم عليهالسلام : « هيهات هيهات أيتها الغدرة المكرة ، حيل بينكم وبين شهواتكم ، أتريدون أن تأتوا إليّ كما أتيتم إلى أبي من قبل ؟! كلاّ وربّ الراقصات ، فإنّ الجرح لمّا يندمل ، قتل أبي بالأمس وأهل بيته معه ، ولم ينسنى ثكل رسول الله وثكل أبي وبني أبي ، ووجدهم بين لهاتي ومرارتهم بين حناجري وحلقي ، وغصصهم تجري في فراش صدري ، ومسألتي بأن لا تكونوا لنا ولا علينا ».
ثمّ إنّه عليهالسلام أنشأ يقول :
لا غرو أن قتل الحسين فشيخه |
|
|
|
قد كان خيراً من حسين وأكرما |
|
فلا تفرحوا يا آل كوفان بالّذي |
|
|
|
أصاب حسيناً كان ذلك أعظما |
|
قتيل بشاطي النهر روحي فداؤه |
|
|
|
وكان جزى المردي هناك جهنّما (١) |
|
وروى ابن طاوس في كتاب « الملهوف على قتلى الطفوف » أنّ عليّ بن الحسين عليهماالسلام لمّا دخل على يزيد بن معاوية لعنه الله أمر بإحضار خطيب ومنبر ، وأمر الخطيب أن يصعد المنبر ويعلم النّاس بمساوئ الحسين وعليّ عليهماالسلام وما فعلا ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ أكثر الوقعية في عليّ والحسين عليهماالسلام ، وأطنب في تقريظ معاوية ويزيد لعنهما الله ، فذكرهما بكل جميل ! فصاح به علي بن الحسين عليهماالسلام : « ويلك أيّها الخاطب ، اشتريت رضى المخلوق بسخط الخالق ، فتبوء مقعدك من النّار ».
ثمّ قال : « يا يزيد ، أتأذن لي حتّى أصعد هذه الأعواد فأتكلّم بكلمات لله فيهن
__________________
(١) ما عثرت على الحديث في إرشاد المفيد ، لكنّه موجود في الملهوف لابن طاوس : ص ١٩٩ مع اختلاف قليل في بعض الألفاظ ، وفي آخره بعد الأبيات : ثمّ قال عليهالسلام : « رضينا منكم رأساً برأس ، فلا يوم لنا ولا علينا ».