أفدي الأسير وليت خدّي موطئا |
|
|
|
كانت له بين المحامل محملا |
|
فيا إخواني المؤمنين وخلاني الموالين ، أمثل زين العابدين ، وقدوة الساجدين ، يجوز أن تستامه أولاد الكافرين ، الإذلال والتوهين ، وتغلّ منه اليسار واليمين ، وتجعل في عنقه الأغلال ، ويسرى به على بزّل الجمال ؟ فكم صادف يوم الطّف من شدائد تسيخ لها شماريخ الأطواد ، ويذوب من سماعها الصّم الصلاد.
روى المفيد في إرشاده عن الثقات أنّ زين العابدين عليهالسلام لمّا دخل مع سبايا آل محمّد الكوفة فنظر إلى اجتماع النّاس فبكى ثمّ أومأ إليهم بالسكوت فسكتوا ، فقام قائماً وحمد الله وأثنى عليه وذكر النبيّ فصلّى عليه ثمّ قال :
« أيّها النّاس ، من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أعرّفه بنفسي ، أنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أنا ابن المذبوح بشطّ الفرات ، من غير ذحل ولا ترات ، أنا ابن من هتك حريمه ، وذبح فطيمه وسلب نعيمه ، وانتهب ماله ، وسبي عياله ، أنا ابن من قُتل صبراً ، وكفاني بهذا فخراً.
أيّها النّاس ، ناشدتكم الله ، هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه ، وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق وقاتلتموه وقتلتموه ، فتبّاً لما قدّمت أيديكم وسوأة لرأيكم ، بأيّة عين تنظرون إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله إذ يقول لكم : قتلتم عترتي وانتهكتم حرمتي فلستم من أمّتي ؟
قال : فارتفعت أصوات النّاس بالبكاء وقال بعضهم لبعض : لقد هلكتم وما تعلمون.
ثمّ قال : « رحم الله امرءاً قبل نصيحتي ، وحفظ وصيّتي في الله ورسوله وأهل بيته ، فإنّ لنا برسول الله أسوة حسنة ».
فقالوا كلّهم : نحن كلّنا يا ابن رسول الله سامعون لك ، حافظون لذمامك ، غير زاهدين فيك ، ولا راغبين عنك ، فأمرنا بأمرك يرحمك الله تعالى ، فإنّا حرب لمن حاربك ، وسلم لمن سالمك ، لنأخذ وترك ووترنا ممّن ظلمك وظلمنا.