قد مضى الدهر ونمضي بعدهم |
|
|
|
لا الجوى باخ ولا الدمع رقى |
|
أنتم الشافون من داء العمى |
|
|
|
وغدا الساقون من حوض الروى |
|
نزل الدين عليكم بينكم |
|
|
|
وتخطّى الناس طرّاً وطوى |
|
روي في الكتاب المذكور عن مولىً لزين العابدين عليهالسلام قال : رأيت سيدي يوماً برز إلى الصحراء ، فتبعته فوجدته قد سجد على حجارة خشنة ، فوقفت بإزائه فسمعت له شهيقاً وبكاءاً ، فأحصيت عليه أن قال ألف مرة : « لا إله إلاّ الله حقّاً حقّاً ، لا إله إلاّ الله تعبّداً ورقّاً ، لا إله إلاّ الله إيماناً وصدقاً ».
ثم رفع رأسه من السجود فإذا لحيته ووجهه قد غمّرا بالدموع ، فقلت : يا سيّدي ، أما آن لحزنك أن ينقضي ، ولبكائك أن يقلّ ؟!
فقال لي : « ويحك ، إنّ يعقوب بن إسحاق كان نبياً من الأنبياء ، وكان له اثنا عشر ولداً (١) ، فغيّب الله عنه واحداً منهم (٢) فشاب رأسه من الحزن ، واحْدَودَبَ ظهره من الغمّ ، وذهب بصره من البكاء ، هذا وابنه حيّ (٣) في دار الدنيا ، وأنا قد رأيت أبي وأخي وسبعة عشر من أهل بيتي صرعى مضرّجين بدمائهم لا مغسّلين ولا ملحّدين ، تسفي عليهم الرياح ، وتكفّنهم الدبور بمورها ، فكيف ينقضي حزني (٤) ويقلّ بكائي عليهم » ؟! (٥)
__________________
(١) في المصدر : « كان نبيّاً ابن نبي ابن نبيٍّ له اثنا عشر ابناً ».
(٢) في المصدر : « فغيّب الله سبحانه واحداً منهم ».
(٣) في المصدر : « وذهب بصره من البكاء وابنه حيّ ».
(٤) في المصدر : « صرعى مقتولين ، فيكف ينقضي حزني ».
(٥) رواه السيد ابن طاوس في الملهوف : ص ٢٣٤ مع مغايرة ذكرناها في الهامش.