فآه آه ، يا لها من مصيبة اشتدّ ضرامها ، واحْلَوْلَكَ قتامها ، واستوحشت آكامها ، وحام منها على أهل الشريعة حمامها ، وجبّ بباترها سنامها ، واستمرّ على أرباب الهداية دوامها ، واستشاط على إشراقها ظلامها ، فلا غرو إن بكاها سيّد العباد وإمامها ، فلقد طوّقها فادحها وسقامها ، وهدّ ركنه كرّها وصدامها ، فلئن فاه بهذا الغرور الدرر ، واستخرجاه من قاموس الفكر ، ونظّم لئالي هذه العقود ، ورصّع فرائد جواهرها بأجياد هذه البنود ، فهو حريّ بذلك ، لسلوكه تلك المسالك.
روي في كتاب فقه الرضا أنّه لمّا دنى أوان أفول البدر المضيء ، وحان زوال الإمام الرضيّ ، من دار التعب والعناء ، ومحلّ الوصب والضنى ، وقرب انتقاله إلى الحضرة العلويّة ، ليشاهد جمال الطلعة القدسيّة ، ويفوز بوصال محبوبه ، وينال غاية مطلوبه ، نصّ على القائم بمقامه ، وأوصى إليه بما أوعز إليه من مبدئه إلى ختامه ، ثمّ قال له : « يا محمّد الباقر ، أنت الإمام بعدي بنصّ الملك القادر ، فاعلم يا بُنيّ ، إنّ الوليد بن عبد الملك سوف يقتلني بالسمّ المهلك ، وإنّي مفارقك عن قريب ، فإذا انغمس بدر أجلي في المغيب ، فلا يلي غسلي غيرك ، فإنّ الإمام لا يغسّله إلاّ إمام مثله.
واعلم يا بُنيّ ، إن أخاك عبد الله سيدعو النّاس إلى نفسه ، فإذا فعل ذلك فامنعه ، فإن امتنع وإلاّ فدعه فإنّ عمره قصير » (١).
__________________
ورواه مختصراً ابن قولويه في كامل الزيارات : ص ٢١٣ باب ٣٥ ح ٣٠٧ / ٢ ، وابن شهرآشوب في المناقب : ٤ : ١٧٩ ، والمجلسي في البحار : ٤٦ : ١١٠ ح ٤ من باب حزنه وبكائه على أبيه عليهماالسلام عن كامل الزيارات.
(١) ورواه الراوندي في الخرائج ١ : ٢٦٤ ح ٨ وعنه المجلسي في البحار : ٤٦ : ١٦٦ ح ٩ من باب أحواله وأولاده وأزواجه عليهالسلام.
ورواه الإربلي في كشف الغمة : ٢ : ٣٤٩ في تاريخ الإمام الباقر عليهالسلام.
هكذا في الخرائج وكشف الغمة ، ولم يثبت في مصدر آخر ادعاء عبد الله بن علي بن الحسين