فإذا كان يا ذوي البصائر ، هذا شأن الباقر ، فكيف يجوز أن يستامه هشام الفاجر ، ويشخصه إليه وهو صاغر ، ويضيّق عليه الموارد والمصادر ، ويخلى من نور غرّته المحاريب والمنابر ، فيحقّ لمصابه الفاقر ، أن تشقّ الأكباد والمرائر.
لئن مسّني ضرّ ريب الزمان |
|
|
|
فلي أسوة ببني أحمد |
|
تسلّط بغياً أكفّ النفاق |
|
|
|
منهم على سيّد سيّد |
|
__________________
فكتب أبو جعفر كتاباً وختمه بخاتمه ثمّ قال : انطلق بهذا الكتاب الليلة إلى البقيع حتّى تتوسّطه ، ثمّ تنادي : « يا درجان ، يا درجان » ، فإنّه يأتيك رجل معتمّ ، فادفع إليه كتابي وقل : أنا رسول محمّد بن علي بن الحسين فإنّه يأتيك به ، فاسأله عما بداً لك. فأخذ الرجل الكتاب وانطلق.
قال أبو عيينة : فلمّا كان من الغد أتيت أبا جعفر عليهالسلام لأنظر ما حال الرجل ، فإذا هو على الباب ينتظر أن يؤذن له ، فأذن [ له ] فدخلنا جميعاً ، فقال الرجل : الله يعلم عند من يضع العلم ، قد انطلقت البارحة وفعلت ما أمرت ، فأتاني الرجل فقال : لا تبرح من موضعك حتّى آتيك به ، فأتاني برجل أسود فقال : هذا أبوك. قلت : ما هو أبي ! قال : [ بل ] غيّره اللّهب ودخان الجحيم والعذاب الأليم ! فقلت له : أنت أبي ؟ قال : نعم. قال : فما غيّرك عن صورتك وهيئتك ؟ قال : يا بُنَيّ كنت أتولى بني أمية وأفضّلهم على أهل بيت النبي بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فعذّبني الله بذلك ، وكنت أنت تتولاّهم فكنت أبغضك على ذلك ، وحرمتك مالي فزويته عنك ، وأنا اليوم على ذلك من النادمين ، فانطلق يا بُنيّ إلى جُنينتي فاحتفر تحت الزيتونة خذ المال وهو مئة ألف وخمسون ألفاً ، فادفع إلى محمّد بن عليّ خمسين ألفاً والباقون لك.
ثمّ قال : فأنا منطلق حتّى آخذ المال وآتيك بمالك.
قال أبو عيينة : فلما كان من قابل دخلت على أبي جعفر عليهالسلام فقلت : ما فعل الرجل صاحب المال ؟ قال : [ قد ] أتاني بخمسين ألف درهم ، فقضيت منها ديناً كان عَلَيّ ، وابتعت منها أرضاً بناحية خيبر ، ووصلت منها أهل الحاجة من أهل بيتي.
ورواه عنه المجلسي في البحار : ج ٤٦ ص ٢٤٥ ح ٣٣ من باب معجزاته ومعالي أموره عليهالسلام.