أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ) (١).
ولله درّ من قال من الرجال الأبدال :
يا ابن الهداة الأكرمين ومن |
|
شرف الكتاب بهم ولا فخر |
قسماً بمثواك الشريف وما |
|
ضمّت منى والخيف والحجر |
فهم سواء في الحقيقة إذ |
|
بهم التمام يحلّ والقصر |
تعنو له الألباب تلبية |
|
ويطوف ظاهره حجر الحجر |
ما طائر فقد الفراخ فلا |
|
يأويه بعد فراخه وكر |
بأشدّ من حزني عليك ولا |
|
الخنساء جدّد حزنها صخر (٢) |
ولقد وددت بأن أراك وقد |
|
قلّ النصير وفاتك النصر |
حتّى أكون لك الفداء كما |
|
كرما أباك فداله الحرّ |
فتبوّءوُا رفيع المراتب بإسالة المدامع ، وزاحموا أئمّتكم الأطائب في سمّي المقاصر والمجامع ، ونوحوا نوح الحمام النواعب ، ونادوا بالويل والفجائع ، وتصوّروا خلّو تلك المضارب ، وخويّ هاتيك المرابع ، من أرباب النوافل والرواتب ، فلا دافع ولا مانع ، أو لا تكونون يا إخواني كمن أورده رزؤهم الراتب موارد البلاء والفضائح (٣) ، وأحرمه لذيذ المطاعم والمشارب ، ونفى عن
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ : ١٥٦.
(٢) الخنساء هي بنت عمرو بن الشريد بن ثعلبة بن عُصية بن خفاف بن امرئ القيس ؛ الشاعرة المشهورة ، قدمت على النبي صلىاللهعليهوآله مع قومها من بني سليم فأسلمت معهم ، فذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يستنشدها ويعجبه شعرها ، وكانت تنشده وهو يقول : « هيه يا خُناس » ، ويؤمي بيده.
قالوا : وكانت الخنساء تقول في أول أمرها البيتين أو الثلاثة ، حتّى قتل أخوها شقيقها معاوية بن عمرو وقتل أخوها لأبيها صخر ؛ وكان أحبّهما إليها ؛ لأنّه كان حليماً جواداً محبوباً في العشيرة ، كان غزا بني أسد فطعنه أبو ثور الأسدي طعنة مرض منها حولاً ثمّ مات ، فلمّا قتل أخواها أكثرت من الشعر. ( الإصابة : ٧ : ٦١٣ رقم ١١١٠٦ ، وأسد الغابة : ٥ : ٤٤١ ).
(٣) الفضيحة : الشهرة بما يُعاب ، والعيب ، والجمع : فضائح. ( المعجم الوسيط ).