وإيّاك والنميمة فإنّها تزرع الشحناء في قلوب الرجال ، وإيّاك والتعرض في عيوب الناس ، فمنزلة المتعرّض لعيوب الناس بمنزلة (١) الهدف.
يا بني ، إذا طلبت الجود فعليك بمعادنه ، فإنّ للجود معادنا وللمعادن أصولاً وللأصول فروعاً [ وللفروع ثمراً ] ، ولا يطيب ثمر إلاّ بفرع ، ولا فرع إلاّ بأصل ، ولا أصل ثابت إلاّ بمعدن طيّب.
يا بني ، إذا زرت فزر الأخيار ، ولا تزر الفجّار فإنهم صخرة لا ينفجر (٢) ماؤها وشجرة لا يخضرّ ورقها وأرض لا يظهر عشبها ».
[ قال علي بن موسى عليهماالسلام : « فما ترك أبي هذه الوصيّة إلى أن توفّي » ] (٣).
وما زال صلوات الله عليه يذكر ربّه حتّى مات شهيداً ، سمّه المنصور لعنه الله.
وكانت وفاته يوم الاثنين خامس عشر شهر رجب سنة ثمان وأربعين ومئة من الهجرة (٤).
فوا لهف نفسي على تلك المناقب الفاضلة ، والصفات الكاملة ، والمنن الشاملة والغرر الّتي لم تزل على جباء الأيّام سايلة.
وواحزناه على صاحب الأمرة والدعامة ، وعلى مركز دائرة الرسالة والإمامة ، كيف كوّرت شمس حياته أكفّ الجور والعدوان ، وخسفت قمر صفاته أيدي الفجور والطغيان ، ف ( إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) (٥) ، ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا
__________________
(١) في المصدر : « كمنزلة ».
(٢) في المصدر : « لا يتفجّر ».
(٣) كشف الغمّة للإربلي : ٢ : ٣٩٦ ، ومختصراً في ص ٣٦٩ في فضائل الإمام الصادق عليهالسلام.
ورواه أبو نعيم في حلية الأولياء : ٣ : ١٩٥ ، وابن طلحة في مطالب السؤول : ٢ : ٥٧ ، وابن الجوزي في المنتظم : ٨ : ١١١ ، والذهبي في السير : ٦ : ٢٦٣.
(٤) قال بهذا التاريخ الطبرسي في كتاب تاج المواليد : ( مجموعة نفيسة : ص ١٢٥ ) ، وفي إعلام الورى : ص ٢٦٦ ، ولكنّ المعروف أنّه عليهالسلام توفّي في الخامس والعشرين من شوّال المكرم كما رواه أيضاً الطبرسي في تاج المواليد وإعلام الورى.
(٥) سورة البقرة : ٢ : ١٥٦.